صفحة جزء
وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ
1459 1422 - ( مالك ، عن أبي الزناد ) بكسر الزاي وخفة النون ، عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة ) رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يمنع ) بضم أوله مبنيا للمفعول ، خبر بمعنى النهي ( فضل الماء ) زاد في رواية أحمد : بعد أن يستغنى عنه ( ليمنع ) مبني للمفعول أيضا ( به الكلأ ) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة ، اسم لجميع النبات ثم الأخضر منه يسمى الرطب ، بضم الراء وسكون الطاء ، والكلأ اليابس يسمى حشيشا ، ومنه يقال للناقة أحشت ولدها : إذا ألقته يابسا ، وحشت يد فلان : إذا يبست . ومعنى الحديث : أن من سبق الماء بفلاة وكان حول ذلك الماء كلأ لا يوصل إلى رعيه إلا إذا كانت المواشي ترد ذلك الماء ، فنهى صاحب الماء أن يمنع فضله لأنه إذا منعت منه منعت من رعي ذلك الكلأ ، والكلأ لا يمنع لما فيه من الإضرار بالناس ، قاله عياض . قال القرطبي : واللام للعاقبة مثلها في قوله تعالى : ( فالتقطه آل فرعون ) ( سورة القصص : الآية 8 ) الآية ، والحديث حجة لنا في القول بسد الذرائع ; لأنه إنما نهى عن منع فضل الماء لما يؤدي إليه من منع الكلأ . اهـ ، وسبقه إليه الباجي . وقد ورد التصريح في بعض طرق الحديث بالنهي عن منع الكلأ ، فصحح ابن حبان من رواية أبي سعيد مولى بني غفار عن أبي هريرة [ ص: 65 ] مرفوعا : " لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ ، فيهزل المال وتجوع العيال " . وهو محمول المملوك وهو الكلأ النابت في أرضه المملوكة له بالإحياء ، ففيه خلاف : صحح ابن العربي وغيره الجواز ، وهو رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية ومطرف عنه في الواضحة ، وأنكرها أشهب فلم يجز بيع الكلأ بمال وإن كان في أرضه ومرجه وحماه .

قال مالك في المجموعة والواضحة : معنى الحديث في آبار الماشية التي في الفلوات . وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم وأشهب : ذلك في الأرض ينزلها للرعي لا للعمارة فهو والناس في الرعي سواء ولكن يبدون بمالهم . الباجي : بئر الماشية ما حفرها الرجل في غير ملكه في البراري والقفار لشرب ماشيته ويبيح فضلها للناس ، فاتفق مالك وأصحابه أنه لا يمنع فضلها . قال مالك في المدونة : لا يباع بئر الماشية ما حفر منها في جاهلية ولا إسلام ، وإن حفرت في قرب . ابن القاسم : يريد قرب المنازل إذا حفرها للصدقة فما فضل منها فالناس فيه سواء ، أما من حفرها لبيع مائها أو سقي ماشيته لا للصدقة فلا بأس ببيعها اهـ . والنهي للتحريم عند مالك والشافعي والأوزاعي ، وقال غيرهم : هو من باب المعروف . والحديث رواه البخاري في الشرب عن عبد الله بن يوسف ، وفي ترك الحيل عن إسماعيل ، ومسلم في البيع عن يحيى ، ثلاثتهم عن مالك به .

التالي السابق


الخدمات العلمية