صفحة جزء
باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه

حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى من كان عنده علم من الدية أن يخبرني فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فقال له عمر بن الخطاب ادخل الخباء حتى آتيك فلما نزل عمر بن الخطاب أخبره الضحاك فقضى بذلك عمر بن الخطاب قال ابن شهاب وكان قتل أشيم خطأ
17 - باب ميراث العقل والتغليظ فيه

1619 1575 - ( مالك عن ابن شهاب ) قال أبو عمر : هكذا رواه أصحاب مالك عنه .

ورواه أصحاب ابن شهاب سفيان بن عيينة ومعمر وابن جريج وهشيم عنه عن سعيد بن المسيب ( أن عمر بن الخطاب ) ورواية ابن المسيب عن عمر تجري مجرى المتصل ; لأنه قد رآه ، وصحح بعض العلماء سماعه منه ، وولد سعيد لسنتين من خلافته ، وقال سعيد : ما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقضية ولا أبو بكر ولا عمر إلا وأنا أحفظها .

وهذا الحديث صحيح معمول به .

وفي طريق هشيم عن الزهري عن سعيد قال : جاءت امرأة إلى عمر تسأله أن يورثها من دية زوجها فقال : ما أعلم لك شيئا ثم ( نشد ) طلب ( الناس بمنى ) أي طلب منهم جواب قوله ( من كان عنده علم من الدية أن يخبرني ) وفي رواية معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عمر قال : ما أرى الدية إلا للعصبة ; لأنهم يعقلون عنه فهل سمع منكم أحد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيئا ؟ ( فقام الضحاك بن سفيان ) بن عوف بن أبي بكر بن كلاب ( الكلابي ) أبو سعيد صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعقد له لواء ، وكان من الشجعان يعد بمائة فارس وبعثه - صلى الله عليه وسلم - على سرية وفيه يقول العباس بن مرداس :


إن الذين وفوا بما عاهدتهم جيش بعثت عليهم الضحاكا




طورا يعانق باليمين وتارة     يفري الجماجم صارما بتاكا

[ ص: 308 ] ( فقال ) زاد معمر : وكان - صلى الله عليه وسلم - استعمله على الأعراب ، وقال ابن سعد : كان ينزل نجدا وكان واليا على من أسلم هناك ، وقال الواقدي : كان على صدقات قومه ( كتب إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أورث ) بضم الهمزة وفتح الواو وكسر الراء الثقيلة ( امرأة أشيم ) بمعجمة وتحتية قال في الإصابة بوزن أحمد ( الضبابي ) بكسر المعجمة فموحدة فألف فموحدة ثانية قتل في العهد النبوي مسلما ( من دية زوجها ) أشيم ( فقال له عمر بن الخطاب : ادخل الخباء ) بكسر الخاء المعجمة وموحدة ومد ، الخيمة ( حتى آتيك فلما نزل عمر بن الخطاب أخبره ) الضحاك بن سفيان بالخبر .

وروى ابن شاهين من طريق ابن إسحاق عن الزهري قال : حدثت عن المغيرة بن شعبة أنه قال : حدثت عمر بن الخطاب بقصة أشيم فقال : إيتني على هذا بما أعرف فنشدت الناس في الموسم فأقبل رجل يقال له زرارة بن جري فحدثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك .

وأخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان بإسناد حسن عن المغيرة بن شعبة أن زرارة بن جري قال لعمر بن الخطاب : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى الضحاك بن سفيان أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ( فقضى بذلك عمر بن الخطاب ) بعد رواية الضحاك وزرارة والمغيرة ذلك له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما علم لا لأنه لا يقبل خبر الواحد بل لإشاعة الخبر وإشهاره بالموسم ، ورد ما كان رآه أن الدية إنما هي للعصبة ; لأنهم يعقلون عنه ; لأنه لا قياس مع النص ، قال أبو عمر : هكذا في حديث ابن شهاب ثم مالك وغيره أن الضحاك أخبر عمر ، وقول ابن عيينة أن الضحاك كتب إليه وهم ، إنما الضحاك كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم . وفيه أن العالم الجليل قد يخفى عليه من السنن والعلم ما يكون عند من هو دونه في العلم ، وأخبار الآحاد علم خاصة لا ينكر أن يخفى منه الشيء على العالم وهو عند غيره .

( قال ابن شهاب : وكان قتل أشيم خطأ ) هكذا في الموطأ ، ورواه أبو يعلى وغيره من طريق ابن المبارك عن مالك عن الزهري عن أنس قال : كان قتل أشيم خطأ .

قال الدارقطني : والمحفوظ ما في الموطأ أنه قول ابن شهاب .

وقال ابن عبد البر : هو غريب جدا والمعروف أنه من قول ابن شهاب فإنه كان يدخل كلامه في الأحاديث كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية