صفحة جزء
باب القراءة في المغرب والعشاء
5 - باب القراءة في المغرب والعشاء

أي تقديرها فيهما لكونهما جهريتين ، وقدمهما على ترجمة القراءة في الصبح لأن الليل سابق النهار ، ولم يذكر للقراءة في الظهر والعصر ترجمة ؛ لأنهما سريتان لم تسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما ، ومن ترجم لهما أراد إثبات القراءة فيهما ، وقد ترجم البخاري لهما وروى في الترجمتين حديث أبي قتادة : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة ويسمعنا الآية أحيانا " وحديث أبي معمر قال : " قلت لخباب : أكان [ ص: 302 ] النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم ، قلت : بأي شيء كنتم تعلمون قراءته ؟ قال باضطراب لحيته " وأورد على الأول أن العلم بقراءة السورة في السرية إنما يكون بسماع كلها ، وأجيب باحتمال أنه مأخوذ من سماع بعضها مع قيام القرينة على قراءة باقيها ، وباحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخبرهم عقب الصلاة دائما أو غالبا بقراءة السورتين ، وهو بعيد جدا قاله ابن دقيق العيد .

وعلى الثاني أن اضطراب لحيته لا يعين القراءة لحصوله بالذكر والدعاء ، وأجيب بأنهم نظروه بالجهرية ; لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء ، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة كان يسمعنا الآية أحيانا قوي الاستدلال ، وقال بعضهم : احتمال الذكر ممكن لكن جزم الصحابي بالقراءة مقبول ؛ لأنه أعرف بأحد المحتملين ، فقبل تفسيره واستدل به البيهقي على أن الإسرار بالقراءة لا بد فيه من إسماع المرء نفسه ، وذلك لا يكون إلا بتحريك اللسان والشفتين ، بخلاف ما لو أطبق شفتيه وحرك لسانه بالقراءة ، فإنه لا يضطرب بذلك لحيته ، قال الحافظ : وفيه نظر لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية