صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر يا رسول الله أكسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة
1705 1655 - ( مالك عن نافع عن ابن عمر ) رضي الله عنهما ( أن ) أباه ( عمر بن الخطاب [ ص: 438 ] رأى حلة سيراء ) بكسر السين المهملة وفتح التحتية وبالراء والمد ، قال مالك : أي حرير ، وقال الأصمعي : ثياب فيها خطوط من حرير أو قز ، وإنما قيل لها سيراء لسير الخطوط فيها ، وقيل : حرير خالص .

قال عياض وابن قرقول : ضبطناه على المتقنين حلة سيراء بالإضافة كما يقال ثوب خز ، وعن بعضهم بالتنوين على الصفة أو البدل ، قيل : وعليه أكثر المحدثين .

قال الخطابي : يقال حلة سيراء كما يقال ناقة عشراء .

قال ابن التين : يريد أن عشراء مأخوذ من عشرة ، أي : أكملت الناقة عشرة أشهر فسميت عشراء ، وكذلك الحلة ، سميت سيراء ; لأنها مأخوذة من السيور ، هذا وجه التشبيه .

لكن قال سيبويه : لم يأت فعلاء وصفا ، وقال الخليل : ليس في الكلام فعلاء بكسر أوله مع المد سوى سيراء وحولاء وهو الماء الذي يخرج على رأس الولد ، وعنباء لغة في العنب والمعنى رأى حلة حرير ( تباع عند باب المسجد ) النبوي .

ولمسلم عن جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر : رأى عمر عطارد التيمي يقيم حلة بالسوق وكان رجلا يغشى الملوك ويصيب منهم ( فقال : يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك ) لكان حسنا ، و " لو " للتمني لا للشرط ، فلا تحتاج للجزاء .

وفي رواية البخاري : " فلبستها للعيد وللوفد " وللنسائي : " وتجملت بها للوفود والعرب إذا أتوك وإذا خطبت الناس يوم عيد وغيره " .

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما يلبس هذه ) وفي رواية جرير : إنما يلبس الحرير ( من لا خلاق ) أي : من لا حظ ولا نصيب ( له ) من الخير ( في الآخرة ) وهذا خرج عليه على سبيل التغليظ ، وإلا فالمؤمن العاصي لا بد من دخوله الجنة ، فله خلاق في الآخرة ، كما أن عمومه مخصوص بالرجال لقيام الأدلة على إباحة الحرير للنساء .

( ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ) أي : من جنس الحلة السيراء ( حلل ) فاعل جاء ( فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة ) أي : بعث بها إليه كما في رواية البخاري ، ولمسلم من رواية جرير ، وبعث إلى أسامة بحلة ، وأعطى علي بن أبي طالب حلة ( فقال عمر : يا رسول الله أكسوتنيها ) بهمزة الاستفهام ، وفي رواية جرير : فجاء عمر بحلته ، فقال : بعثت إلي بهذه ( وقد قلت في حلة عطارد ) بضم المهملة وكسر الراء ودال مهملة ، ابن حاجب بن زرارة بن عدي بمهملتين التميمي الدارمي ، وفد في بني تميم وأسلم وحسن إسلامه وله صحبة ( ما قلت ) إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ، فقال [ ص: 439 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لم أكسكها لتلبسها ) بل لتنتفع بها .

وفي رواية البخاري : " إنما بعثت إليك لتبيعها أو تكسوها غيرك " وفيه دليل على أنه يقال كساه إذا أعطاه كسوة لبسها أم لا .

ولمسلم : " أعطيتكها تبيعها وتصيب بها حاجتك " ولأحمد : " فباعها بألفي درهم " لكن يعارضه قوله : ( فكساها عمر أخا ) كائنا ( له مشركا ) كائنا ( بمكة ) وعند النسائي : أخا له من أمه وسماه ابن الحذاء عثمان بن حكيم ونقله ابن بشكوال ، قال الدمياطي : هو السلمي أخو خولة بنت حكيم بن أمية وهو أخو زيد بن الخطاب لأمه ، فمن أطلق عليه أنه أخو عمر لأمه لم يصب إنما هو أخو أخيه ، وتعقب باحتمال أن عمر رضع من أم أخيه زيد فيكون عثمان هذا أخا عمر لأمه من الرضاع ، وهذا الحديث رواه البخاري في الجمعة عن عبد الله بن يوسف وفي الهبة ، ومسلم في اللباس عن يحيى ، كلهم عن مالك به ، وتابعه جماعة في الصحيحين وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية