صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة
1726 1676 - ( مالك عن أبي الزناد ) عبد الله بن ذكوان ، ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ، ( عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : طعام الاثنين ) المشبع لهما ( كافي الثلاثة ) لقوتهم ( وطعام الثلاثة ) المشبع لهم ( كافي الأربعة ) قوتا .

وفي مسلم عن عائشة مرفوعا : " طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ، وطعام الأربعة يكفي الثمانية " ، وفي ابن ماجه من حديث عمر : " طعام الواحد يكفي الاثنين ، وإن طعام الاثنين يكفي الثلاثة ، والأربعة ، وإن طعام الأربعة يكفي الخمسة ، والستة " ، وقال المهلب : المراد بهذه الأحاديث الحض على المكارمة ، والتقنع بالكفاية ، يعني : وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية ، وإنما المراد المواساة ، وأنه ينبغي للاثنين إدخال ثالث لطعامهما ، ورابع أيضا بحسب من يحضر .

وعند الطبراني ما يرشد إلى العلة في ذلك ، وأوله : " كلوا جميعا ، ولا تفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين " ، الحديث ، فيؤخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع ، وأن الجمع كلما كثر زادت البركة .

وقيل معناه : أن الله يضع من بركته فيه ما وضع لنبيه فيزيد حتى يكفيهم .

قال ابن العربي : وهذا إذا صحت نيتهم ، وانطلقت ألسنتهم به ، فإن قالوا : لا يكفينا قيل لهم : البلاء موكل بالمنطق .

وقال العز بن عبد السلام في الأمالي : إن أريد الإخبار عن الواقع فمشكل ; لأن طعام الاثنين لا يكفي إلا اثنين ، وإن كان له معنى آخر فما هو ؟ والجواب من وجهين : أحدهما أنه خبر بمعنى الأمر ، أي أطعموا طعام الاثنين الثلاث ، والثاني أنه للتنبيه على أن ذلك يقوت الثلاث ، وأخبرنا بذلك لئلا نجزع ، والأول أرجح لأن الثاني معلوم ، انتهى .

وروى العسكري في المواعظ عن عمر مرفوعا : " كلوا ولا تفرقوا ، فإن طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة ، والأربعة كلوا جميعا ولا تفرقوا ، فإن البركة في الجماعة " ، فيؤخذ [ ص: 474 ] من هذا أن الشرط الاجتماع على الأكل ، وأن معنى الحديث طعام الاثنين إذا كانا مفترقين كافي الثلاثة إذا أكلوا مجتمعين .

قال ابن المنذر : يؤخذ من حديث أبي هريرة استحباب الاجتماع على الطعام ، وأن لا يأكل المرء وحده ، انتهى .

وفيه أيضا إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصل معها البركة ، فتعم الحاضرين ، وأنه لا ينبغي للمرء أن يستحقر ما عنده ، فيمتنع من تقديمه ، فإن القليل قد يحصل به الاكتفاء بمعنى حصول قيام البنية لا حقيقة الشبع ، ومنه قول عمر عام الرمادة : لقد هممت أن أنزل على أهل كل بيت مثل عددهم فإن الرجل لا يهلك على ملء بطنه ، وأخذ منه أن السلطان في المسغبة يفرق الفقراء على أهل السعة بقدر لا يضر بهم .

وأخرج الشيخان في الأطعمة ، البخاري عن عبد الله بن يوسف ، وإسماعيل ، ومسلم عن يحيى ، الثلاثة عن مالك به ، ورواه الترمذي في الأطعمة ، والنسائي في الوليمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية