صفحة جزء
باب ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العين

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا قال عبد الله بن أبي بكر حسبت أنه قال والناس في مقيلهم لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت

قال يحيى سمعت مالك يقول أرى ذلك من العين
13 - باب ما جاء في نزع المعاليق ، والجرس من العنق

الجرس بفتح الجيم والراء ، ثم مهملة ، معروف وحكى عياض إسكان الراء ، والتحقيق أنه بفتحها : اسم الآلة ، وبسكونها : اسم الصوت .

1745 1696 - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري التابعي ( عن عباد بن تميم ) المازني التابعي ، وقيل : له رؤية ( أن أبا بشير ) بفتح الموحدة ، وكسر المعجمة ( الأنصاري ) ، زاد عثمان بن عمر ، عن مالك : الساعدي ، عند الدارقطني ، فمن قال [ ص: 503 ] المازني فيه نظر ، شهد الخندق .

وذكره الحاكم أبو أحمد فيمن لا يعرف اسمه ، وذكر ابن سعد أن اسمه قيس بن عبد الحرير بمهملات مصغر ابن عمر ، وعاش إلى بعد الستين ، وشهد الحرة ، وجرح بها ، ومات من ذلك ، يقال : جاز المائة .

( أخبره ) ، أي عباد ( أنه ) ، أي أبا بشير ( كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ) ، قال الحافظ : لم أقف على تعيينهما ، ( قال : فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولا ) في رواية روح بن عبادة عن مالك : " فأرسل زيدا مولاه " ، قال ابن عبد البر : وهو زيد بن حارثة فيما ظهر لي ، ( قال عبد الله بن أبي بكر ) شيخ الإمام : ( حسبت أنه ) ، أي عباد بن تميم ، ( قال والناس في مقيلهم ) قال الحافظ : كأنه شك في هذه الجملة ، ولم أرها من طريقه إلا هكذا ، ( لا تبقين ) بفوقية وقاف مفتوحتين بينهما موحدة ساكنة آخره ، نون توكيد ، ( في رقبة بعير قلادة من وتر ) ، بفتح الواو ، والمثناة الفوقية في جميع الروايات ، قال ابن الجوزي : ربما صحف من لا علم له بالحديث ، فقال وبر بموحدة ، يعني كالداودي فإنه جزم بالموحدة ، وقال : هو ما ينزع عن الجمال يشبه الصوف ، قال ابن التين : فصحف ، ( أو قلادة إلا قطعت ) ، قال الحافظ : أو للشك أو للتنويع .

وفي رواية القعنبي عند أبي داود : ولا قلادة ، وهو من عطف العام على الخاص ، وبهذا جزم المهلب ، ويؤيد الأول ، أي الشك ما روي عن مالك أنه سئل عن القلادة ، فقال : ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر ، ( قال مالك : أرى ذلك من العين ) ، أي أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتارا لئلا تصيبها العين بزعمهم ، فأمروا بقطعها إعلاما بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئا .

ويؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه : " من علق تميمة فلا أتم الله له " ، رواه أبو داود ، والتميمة : ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك .

قال ابن عبد البر : إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين ، فقد ظن أنها ترد القدر ، وذلك لا يجوز اعتقاده .

وقيل : النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند الركض ، حكي ذلك عن محمد بن الحسن ، وكلام أبي عبيد يرجحه فإنه قال : نهي عن ذلك لأن الدواب تتأذى به ، وتضيق عليها نفسها ورعيها ، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت أو تعوقت عن السير .

وقيل : المراد بالوتر : الجرس ، فإنهم كانوا يعلقون الأجراس فيها ، حكاه الخطابي ، ويدل عليه ترجمة الإمام بالجرس ، وكذا رواية عثمان بن عمر عن مالك الحديث بسنده بلفظ : " لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع " ، وأخرجه الدارقطني فبان أنه أشار بالترجمة إلى ما [ ص: 504 ] في بعض طرق الحديث

وقد روى أبو داود ، والنسائي عن أم حبيبة ، والنسائي أيضا عن أم سلمة مرفوعا : " لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس " ، قال الحافظ : ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك إلا هذا القول الثالث ، فلم تجر العادة بتعليق الجرس في رقاب الخيل .

وقد روى أبو داود ، والنسائي عن أبي وهب الجيشاني رفعه : " اركبوا الخيل ، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار " ، فدل على أنه لا اختصاص للإبل ، وحمل النضر بن شميل الأوتار في هذا الحديث على معنى النار كالجاهلية ، قال القرطبي : هو تأويل بعيد ، وقال النووي : ضعيف ، وإلى قول النضر جنح وكيع فقال : المعنى لا تركبوا الخيل في الفتن ، فإن من ركبها لم يسلم أن يتعلق به وتر يطلب به .

قال النووي وغيره الجمهور : أن النهي لكراهة التنزيه ، وقيل : للتحريم ، وقيل : يمنع منه بلا حاجة ويجوز لها .

وعن مالك : تخصيص كراهة القلائد بالوتر ، ويجوز بغيرها إذا لم يقصد دفع العين هذا كله في تعليق تمائم وغيرها لا قرآن فيها ونحوه .

فأما ما فيه ذكر الله ، فلا ينهى عنه لأنه إنما يجعل للبركة به ، والتعوذ بأسمائه وذكره ، انتهى .

والحديث رواه البخاري في الجهاد عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم في اللباس عن يحيى ، وأبو داود عن القعنبي كلهم عن مالك به .

التالي السابق


الخدمات العلمية