صفحة جزء
الغسل بالماء من الحمى

حدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء بنت أبي بكر كانت إذا أتيت بالمرأة وقد حمت تدعو لها أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نبردها بالماء
[ ص: 522 ] 6 - باب الغسل بالماء من الحمى

هي حرارة غريبة تشتعل في القلب ، وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى جميع البدن وهي قسمان : عرضية ، وهي الحادثة عن ورم ، أو حركة ، أو إصابة حرارة الشمس ، أو القبض الشديد ونحوها ، ومرضية وهي ثلاثة أنواع ، وتكون عن مادة ، ثم منها ما يسخن جميع البدن ، فإن كان مبدأ تعلقها بالروح فهي حمى يوم ، لأنها تقلع غالبا في يوم ، ونهايتها إلى ثلاث ، وإن كان تعلقها بالأعضاء الأصلية ، فهي حمى دق ، وهي أخطرها ، وإن كان تعلقها بالأخلاط ، سميت عفنية ، وهي بعدد الأخلاط الأربعة ، وتحت هذه الأنواع المذكورة أصناف كثيرة بسبب الإفراد والتركيب .

1760 1711 - ( مالك عن هشام بن عروة عن ) زوجته بنت عمه ( فاطمة بنت المنذر ) بن الزبير: ( أن ) جدتهما ( أسماء بنت أبي بكر ) الصديق ، ( كانت إذا أتيت ) - بضم الهمزة مبنيا للمفعول ، ( بالمرأة ، وقد حمت ) - بضم الحاء ، وفتح الميم مشددة - ( تدعو لها ، أخذت الماء فصبته بينها ) ، بين المحمومة ( وبين جيبها ) - بفتح الجيم ، وسكون التحتية ، وكسر الموحدة - قال عيسى بن دينار : أي بين طوقها وجسدها ، ( وقالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن نبردها ) - بفتح النون ، وسكون الموحدة وضم الراء - وفي رواية : بضم النون ، وفتح الموحدة ، وكسر الراء مشددة ، ( بالماء ) البارد .

وفي فعل أسماء صفة التبريد المطلق في الأحاديث ، وهو أولى ما تفسر به ; لأن الصحابي أعلم بالمراد من غيره ، ولا سيما أسماء بنت أبي بكر التي كانت تلزم بيته - صلى الله عليه وسلم - فهي أعلم بمراده من غيرها ، فتشكيك بعض الضالين في الحديث بأن غسل المحموم مهلك ، وأن بعض من ينسب إلى العلم فعله فهلك ، أو كاد لجمعه المسام ، وخنقه البخار وعكسه الحرارة لداخل البدن ، جهل قبيح نشأ من عدم فهم كلام النبوة .

وقد روى أبو نعيم وغيره عن أنس يرفعه : " إذا حم أحدكم فليرش عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر " ، والصحيح أن المراد : كل ماء ، وأن المراد استعماله لا الصدقة به كما ادعى ابن الأنباري ، وإن وجه بأن الجزاء من جنس العمل ، [ ص: 523 ] فكما أخمد لهيب العطش عن الظمآن بالماء البارد أخمد الله عنه لهيب الحمى جزاء وفاقا ، وهو توجيه حسن .

قال الحافظ : لكن صريح الأحاديث ترده ، وقيل : المراد ماء زمزم لحديث البخاري عن ابن عباس : " فأبردوها بالماء أو بماء زمزم " بالشك .

ورواه أحمد ، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم : بماء زمزم ، بدون شك ، وجمع بأن الأمر به لأهل مكة لتيسره عندهم ، أما غيرهم فكل ماء .

وهذا الحديث رواه البخاري عن القعنبي عن مالك به ، وتابعه عبدة بن سليمان ، وعبد الله بن نمير ، وأبو أسامة عن هشام عند مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية