صفحة جزء
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد بن المغيرة أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه فقيل هو ضب يا رسول الله فرفع يده فقلت أحرام هو يا رسول الله فقال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر
1805 1758 - ( مالك عن ابن شهاب ) محمد بن مسلم الزهري ، ( عن أبي أمامة ) أسعد ( بن سهل بن حنيف ) الأنصاري له رواية ، وأبوه صحابي بدري ، ( عن عبد الله بن عباس ) الحبر الترجمان ( عن خالد بن الوليد بن المغيرة ) المخزومي سيف الله ، قال ابن عبد البر : هكذا رواه يحيى القعنبي ، وابن القاسم وجماعة ، ورواه ابن بكير عن ابن عباس ، وخالد : أنهما دخلا مع رسول الله بيت ميمونة ، وتابعه قوم ، وكذا رواه معمر عن الزهري ، انتهى .

ومن القوم يحيى التميمي عند مسلم ، ورواه مثل الأولين عند الشيخين يونس عن الزهري أخبرني أبو أمامة أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله أخبره ، ( أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتي ) - بضم الهمزة - ( بضب محنوذ ) - بفتح الميم ، وإسكان الحاء المهملة وضم النون ، فواو فذال معجمة - : مشوي بالحجارة المحماة ، يقال : حنيذ ومحنوذ ، كقتيل ومقتول ، وفي رواية يونس عن ابن شهاب عند البخاري ، ومسلم : " أنه دخل مع رسول الله على ميمونة ، فوجد عندها ضبا محنوذا قد قدمت به أختها أم حفيدة بنت الحارث من نجد ، فقدمت الضب لرسول الله ، وكان قلما يقدم يده لطعام حتى يحدث به ويسمى له " ، ( فأهوى ) - بإسكان الهاء ، وفتح الواو - أي : مد ( إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ) ليأخذه [ ص: 587 ] ( فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة ) - لم يسم النسوة - والقائل : هي ميمونة كما في مسلم وغيره ، ( أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يريد أن يأكل منه ، فقيل هو ضب يا رسول الله ) ، ولفظ مسلم من طريق ابن الأصم عن ابن عباس : " فقالت ميمونة : يا رسول الله إنه لحم ضب " ، ( فرفع يده ) عن الضب ، قال خالد : ( فقلت : أحرام هو يا رسول الله ؟ فقال : لا ، ولكنه لم يكن بأرض قومي ) مكة أصلا ، أو لم يكن مشهورا كثيرا فيها فلم يأكلوه .

وفي رواية يزيد بن الأصم : " هذا لحم لم آكله قط " ، ( فأجدني أعافه ) - بعين مهملة ، وفاء مضارع ، عفت الشيء ، أي : أجد نفسي تكرهه ، ومعنى الاستدراك هنا تأكيد الخبر كأنه لما قال : ليس بحرام ، قيل : ولم لا تأكله أنت ؟ قال : لأنه لم يكن بأرض قومي ، والفاء للسببية في أجدني .

( وقال خالد : فاجتررته ) - بجيم ساكنة ، ففوقية ، فراء مكررة - أي : جررته ( فأكلته ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ) إلي ، فأكله حلال بنصه وإقراره على أكله عنده ، وعليه الجمهور والأئمة الأربعة بلا كراهة ، كما رجحه الطحاوي خلافا لقول صاحب الهداية من الحنفية : يكرهه لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عائشة لما سألته عن أكله ، لكنه ضعيف فلا يحتج به .

وحكى عياض تحريمه عن قوم ، قال النووي : ما أظنه يصح عن أحد .

قال أبو عمر : فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب ، وإنما يعلم منه ما يظهره الله عليه .

وأما النفوس تعاف ما لم تعهد ، وحل الضب ، وإن من الحلال ما تعافه النفس ، وأن الحرمة ، والحل ليسا مردودين إلى الطباع ، وإنما الحرام ما حرمه الكتاب والسنة ، أو كان في معنى ما حرمه أحدهما ، قال : ودخول خالد ، وابن عباس البيت ، وفيه النسوة كان قبل نزول الحجاب ، انتهى .

وليس بلازم ، إذ يجوز أنه بعده وهن مستورات .

وأما ميمونة فخالطتهما .

وأخرجه البخاري عن القعنبي ، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به .

التالي السابق


الخدمات العلمية