صفحة جزء
ما جاء في أمر الكلاب

حدثني مالك عن يزيد بن خصيفة أن السائب بن يزيد أخبره أنه سمع سفيان بن أبي زهير وهو رجل من أزد شنوءة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث ناسا معه عند باب المسجد فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط قال أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إي ورب هذا المسجد
5 - باب ما جاء في أمر الكلاب

1807 1760 - ( مالك عن يزيد ) - بتحتية فزاي - ( ابن خصيفة ) - بضم المعجمة ، وفتح المهملة - مصغر ، نسبه لجده ، واسم أبيه عبد الله الكندي ابن أخي السائب بن يزيد ، قال أبو عمر : كان ثقة مأمونا محدثا محسنا ، لم أقف له على وفاة .

روى عنه جماعة من أهل الحجاز : ( أن السائب بن يزيد ) الكندي ، صحابي صغير ، وحج به في حجة الوداع ، وهو ابن تسع سنين ، وولاه عمر سوق المدينة ، وهو آخر من مات بها من الصحابة سنة إحدى وتسعين ، وقيل : قبلها .

( أخبره : أنه سمع سفيان بن أبي زهير ) - بضم الزاي - قال ابن المديني : وخليفة اسم أبيه الفرد ، وقيل : نمير بن عبد الله بن مالك ، ويقال له النميري ؛ لأنه من ولد النمر بن عثمان بن نصر بن زهران [ ص: 589 ] نزل المدينة ، ( وهو رجل من أزد ) - بفتح الهمزة ، وسكون الزاي ، فدال مهملة ( شنوءة ) بفتح الشين المعجمة وضم النون ، بعدها همزة مفتوحة - ابن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، ( من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) يعد في أهل المدينة ، ( وهو يحدث ناسا معه عند باب المسجد ) النبوي ، ( فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من اقتنى ) - بالقاف - افتعال من القنية - بالكسر - وهي الاتخاذ ، أي : من اتخذ ( كلبا لا يغني عنه ) ، أي : لا يحفظ له ( زرعا ، ولا ضرعا ) - بفتح فسكون - كناية عن المواشي ، وفي القاموس : الضرع معروف للظلف والخف ، أو للشاة والبقر ونحوها ، قال عياض : المراد بكلب الزرع الذي يحفظه من الوحش بالليل والنهار ، لا الذي يحفظه من السارق ، وكلب الماشية الذي يسرح معها ، لا الذي يحفظها من السارق ، وقد أجاز مالك اتخاذها للحفظ من السارق ، انتهى .

يعني إلحاقا لما في معنى المنصوص عليه به ، كما أشار ابن عبد البر ، واتفقوا على أن المأذون في اتخاذه هو ما لم يتفق على قتله ، وهو الكلب العقور ، واستدل به على طهارة الكلب الجائز اتخاذه ؛ لأن في ملابسته مع الاحتراز عنه مشقة شديدة ، فالإذن في اتخاذه إذن في مكملات مقصوده ، كما أن المنع من لوازمه مناسب للمنع منه ، واستدلال قوي لا يعارضه إلا عموم الخبر الوارد في الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب من غير تفصيل ، وتخصيص العموم غير مستنكر إذا سوغه الدليل ، قاله في الفتح ، يعني تخصيص عموم حديث الولوغ المقتضي لنجاسته عنده بغير ما أذن في اتخاذه لأحاديث الإذن المسوغة لتخصيصه ، فليس مراد الجواب عن الاستدلال كما توهم بل تقويته ، ثم لا نسلم أن حديث الولوغ يقتضي النجاسة ؛ لأنه تعبدي ، أو لغير ذلك مما هو معلوم ، ( نقص من أجر عمله كل يوم قيراط ) ، قدر لا يعلمه إلا الله ، قاله الباجي .

( قال ) السائب لسفيان يتثبت منه الحديث : ( أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : إي ) - بكسر الهمزة ، وسكون الياء - حرف جواب بمعنى نعم ، فيكون لتصديق الخبر ، وإعلام المستخبر ، ولوعد الطالب ، ويوصل باليمين كما هنا ، أي : نعم سمعته ( ورب هذا المسجد ) ، أقسم تأكيدا ، وفي رواية سليمان بن بلال : ورب هذه القبلة ، قال أبو عمر : احتج بهذا الحديث ، ومثله من أجاز بيع الكلب المتخذ لزرع وماشية وصيد ؛ لأنه ينتفع به ، وكل ما انتفع به جاز شراؤه ، وبيعه ولزم قاتله القيمة ؛ لأنه أتلف منفعة أخيه اه .

وأخرجه البخاري في المزارعة عن عبد الله بن [ ص: 590 ] يوسف ، ومسلم في البيع عن يحيى كلاهما عن مالك به ، وتابعه سليمان بن بلال عند البخاري ، وإسماعيل بن جعفر عند مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية