صفحة جزء
وحدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعطوا السائل وإن جاء على فرس


[ ص: 668 ] 1876 1829 - ( مالك عن زيد بن أسلم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أعطوا السائل ) الذي يسأل التصدق عليه ( وإن جاء على فرس ) ; يعني لا تردوه ، وإن جاء على حالة تدل على غناه كركوب فرس ، فإنه لولا حاجته للسؤال ما بذل وجهه ، بل هذا وشبهه من المستورين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف .

وقد حكي أن عمر بن عبد العزيز بعث مالا يفرق بالرقة ، فقال له الذي بعث معه : يا أمير المؤمنين تبعثني إلى قوم لا أعرفهم ، وفيهم غني وفقير ، فقال كل من مد يده إليك فأعطه .

وزعم أن المراد وإن جاء على فرس يطلب علفه وطعامه ، تعسف ركيك .

قال الحراني : ولو في مثله تجيء منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء ، وما بعدها جاء نصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها ، فكونه على فرس يؤذن بغناه فلا يليق إعطاؤه دفعا للتوهم .

وقال أبو حيان : هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة تضمنها السابق ، والمعنى أعطوه كائنا من كان ، ولا تجيء هذه الحال إلا منبهة على ما يتوهم أنه لا يندرج تحت عموم الحال المحذوفة ، فأدرج تحته : ألا ترى أنه لا يحسن أعط السائل ، ولو كان غنيا أو فقيرا ، انتهى .

ومقصود الحديث : الحث على إعطاء السائل وإن جل ، ولو ما قل كما يفيده حذف المتعلق ، لكن إذا وجده ولم يعارضه ما هو أهم ، وإلا فلا ضير في رده كما يفيده أحاديث أخر .

قال ابن عبد البر : لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك ، وليس فيه مسند يحتج به فيما أعلم ، انتهى .

وقد وصله ابن عدي من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة ، ولكن عبد الله ضعيف ، نعم له شاهد أخرجه أحمد ، وأبو داود ، وقاسم بن أصبغ عن الحسين بن علي مرفوعا : " للسائل حق وإن جاء على فرس " ، وسنده جيد ، قاله العراقي وغيره .

ولكن قال ابن عبد البر : سنده ليس بالقوي .

وجاء بلفظ الموطأ وجه آخر ، عن أبي هريرة عند ابن عدي ، وضعفه ، ومن وجه آخر عند الدارقطني ، والحاصل أن المرسل صحيح ، وتتقوى رواية الوصل بتعدد الطرق ، واعتضادها بالمرسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية