صفحة جزء
باب ما يكره من الصدقة

حدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس


3 - باب ما يكره من الصدقة

1887 1839 - ( مالك أنه بلغه : ) ، رواه مسلم من طريق جويرية بن أسماء ، وقاسم بن أصبغ من طريق سعيد بن أبي داود ، كلاهما عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب : أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تحل الصدقة لآل محمد ) ، بني هاشم فقط عند مالك - رضي الله عنه - وأكثر أصحابه ، وأبي حنيفة إلا أنه استثنى آل أبي لهب ، وعند الشافعي - رضي الله عنه - وبعض المالكية بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وعند أحمد القولان ، ( إنما هي أوساخ الناس ) ، وهم منزهون عن ذلك صيانة لمنصبه ، لأنها تنبئ عن ذل الآخذ ، وعز المأخوذ منه لحديث : " اليد العليا خير من اليد السفلى " [ ص: 680 ] وأبدلوا بالفيء المأخوذ على سبيل القهر والغلبة ، المنبئ عن عز الآخذ ، وذل المأخوذ منه .

وتعقب ابن المنير هذا التعليل بأنها مذلة بأن مقتضاه تحريم الهبة لهم ، ولا قائل به ولأن الواهب له أيضا اليد العليا ، وقد جاء في بعض الطرق : اليد العليا هي المعطية ، وهي المتصدقة فيدخل الهبات ، انتهى .

وقال الباجي : لأنها تطهر أموالهم ، وتكفر ذنوبهم ، والأصح عند المالكية ، والشافعية : أن المحرم عليهم صدقة الفرض دون التطوع : " لقول جعفر بن محمد عن أبيه : أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة ، فقيل له : أتشرب من الصدقة ؟ فقال : إنما حرم علينا الصدقة المفروضة " ، رواه الشافعي ، والبيهقي .

قال الباجي : محل حرمة الفرض ما لم يكونوا بموضع يستباح فيه أكل الميتة .

وفي الحديث قصة لا بأس بذكرها ، لأنها من مسند مالك خارج الموطأ ، قال مسلم : حدثنا عبد الله بن محمد بن أسما الضبعي ، قال : حدثنا جويرة بن أسما عن مالك عن الزهري ، أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال : " اجتمع ربيعة بن الحارث ، والعباس بن عبد المطلب ، فقالا : والله لو بعثنا هذين الغلامين ، قال لي ، وللفضل بن عباس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلماه ، وأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا مما يصيب الناس ، قال : فبينهما على ذلك جاء علي بن أبي طالب ، فوقف عليهما فذكرا له ذلك ، قال علي : لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل ، فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال : والله ما تصنع هذه إلا نفاسة منك علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما نفسناه عليك ، قال : أرسلوهما ، واضطجع علي قال : فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر سبقناه إلى الحجرة ، فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ، ثم قال : اخرجا ما تصرران ، ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش ، قال : فتواكلنا الكلام ، ثم تكلم أحدنا ، فقال : يا رسول الله أنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وقد بلغنا النكاح ، فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما تؤدي الناس ، ونصيب كما يصيبون ، قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه ، وجعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه ، ثم قال : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ادعو إلي محمية ، وكان على الخمس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فجاء فقال لمحمية : أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن عباس ، فأنكحه ، وقال لنوفل بن الحارث : أنكح هذا الغلام ابنتك لي فأنكح لي ، وقال لمحمية : أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " ، قال الزهري : ولم يسمه .

ورواه أيضا من طريق يونس عن ابن شهاب بنحو حديث مالك ، وقال في الحديث : " إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد " ، قال النسائي : لا أعلم من ذكر هذا الحديث عن مالك عن جويرية ، وتعقب بأنه [ ص: 681 ] رواه الحافظ قاسم بن أصبغ عن سعيد بن داود بن أبي زنبر - بفتح الزاي ، والموحدة ، بينهما نون ساكنة - صدوق له عن مالك مناكير ، لكنه هنا متابع لجويرية ، فلم ينفرد به جويرية كما ادعاه النسائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية