صفحة جزء
باب ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام

حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله السعدي عن أبي هريرة أنه قال الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان قال مالك فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود إن السنة في ذلك أن يرجع راكعا أو ساجدا ولا ينتظر الإمام وذلك خطأ ممن فعله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه وقال أبو هريرة الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان
14 - باب ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام

209 207 - ( مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة ) بن وقاص الليثي المدني ، روى عن أبيه ونافع وأبي سلمة بن عبد الرحمن وخلق ، وعنه مالك وشعبة والسفيانان وجماعة ، وثقه النسائي وابن المديني وأبو حاتم وغيرهم ، وروى له الأئمة الستة ، ومات سنة خمس [ ص: 345 ] وأربعين ومائة على الصحيح وقيل قبلها .

( عن مليح بن عبد الله السعدي عن أبي هريرة أنه قال : الذي يرفع رأسه ) من الركوع أو السجود ( ويخفضه ) فيهما ( قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان ) قال الباجي : معناه الوعيد لمن فعل ذلك ، وإخبار أن ذلك من فعل الشيطان به ، وأن انقياده له وطاعته إياه في المبادرة بالخفض والرفع قبل إمامه ، انقياد من كانت ناصيته بيده .

وقال في القبس : ليس للتقدم قبل الإمام سبب إلا طلب الاستعجال ، ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال .

قال ابن عبد البر : هذا الحديث رواه مالك موقوفا .

ورواه الدراوردي عن محمد بن عمرو عن مليح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ .

وأخرجه البزار قال الحافظ : أخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفا وهو المحفوظ وقد روى الأئمة الستة عن أبي هريرة مرفوعا : " أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار ؟ " واختلف في أن ذلك معنوي ، فإن الحمار موصوف بالبلادة ، فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من متابعة الإمام ، ويرجح هذا المجاز أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين ، أو حقيقي إذ لا مانع من جواز وقوعه .

قال ابن دقيق العيد : لكن لا دلالة في الحديث على أنه لا بد من وقوعه ، وإنما يدل على أن فاعله متعرض لذلك ، وكون فعله ممكنا لأن يقع ذلك الوعيد ولا يلزم من التعرض للشيء وقوع ذلك الشيء .

وقال ابن بزيزة : يحتمل أن يراد بالتحويل المسخ أو تحويل الهيئة الحسية أو المعنوية أو هما معا .

قال الحافظ : ويقوي حمله على ظاهره رواية ابن حبان أن يحول الله رأسه رأس كلب ، فهذا يبعد المجاز لانتفاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار ، ويبعده أيضا إيراد الوعيد بالمستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة ، لأن البلادة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله ، فلا يحسن أن يقال يخشى إذا فعل ذلك أن يصير بليدا ، مع أن فعله إنما نشأ من البلادة .

( قال مالك فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود : إن السنة في ذلك أن يرجع راكعا أو ساجدا ولا ينتظر الإمام ) حتى يرفع ( وذلك خطأ ممن فعله ) يقتضي أنه فعله عامدا ؛ لأن الساهي لا يقال فيه إنه خطئ لرفع الإثم عنه قاله ابن عبد البر .

( لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إنما جعل الإمام ) إماما ( ليؤتم به ) ليقتدى به في أحوال الصلاة ، فتنتفي المقارنة والمسابقة والمخالفة كما قال .

[ ص: 346 ] ( فلا تختلفوا عليه ) والرفع قبله والخفص من الاختلاف عليه فيرجع ليرفع بعد رفعه ويخفض بعد خفضه .

( وقال أبو هريرة : الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته ) شعر مقدم رأسه ( بيد شيطان ) يجره منها إلى حيث شاء فيوقعه في حرمة التقدم على الإمام كما هو ظاهر الحديث ، وحديث : " أما يخشى " ، لأنه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات ، والجمهور الحرمة للعامد وصحة الصلاة فلا إعادة .

وقال الظاهرية وأحمد في رواية : تبطل صلاة المتعمد بناء على أن النهي يقتضي الفساد في المعنى ، قال أحمد في رسالته : لا صلاة لمن سبق الإمام للحديث ولو صحت صلاته لرجى له الثواب ولم يخش عليه العقاب ، وكذا قال ابن عمر لا صلاة لمن خالف الإمام .

التالي السابق


الخدمات العلمية