صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال كان أبو بكر الصديق إذا أراد أن يأتي فراشه أوتر وكان عمر بن الخطاب يوتر آخر الليل قال سعيد بن المسيب فأما أنا فإذا جئت فراشي أوترت
272 269 - ( مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب ) بكسر الياء وفتحها ( أنه قال كان أبو بكر ) عبد الله بن عثمان ( الصديق إذا أراد أن يأتي فراشه أوتر ) قبل أن ينام ( وكان عمر بن الخطاب يوتر آخر الليل ) بعد تهجده ، ففي فعليهما إباحة تقديم الوتر وتأخيره وهو أمر مجمع عليه لأن الوتر من صلاة الليل ولا وقت لها محدود فالليل كله وقت له ، وأجمعوا على أنمبدأه مغيب الشفق بعد صلاة العشاء .

وفي الصحيحين عن عائشة : " كل الليل أوتر - صلى الله عليه وسلم - وانتهى وتره إلى السحر " ولأبي داود والترمذي عنها : " أوتر أول الليل [ ص: 448 ] وأوسطه وآخره ولكن انتهى وتره حين مات إلى السحر " فيحتمل أن إيتاره أوله وأوسطه لبيان الجواز ويحتمل أن ذلك لاختلاف الأحوال ، فحيث أوتر أوله لعله كان وجعا ، وفي وسطه مسافرا اهـ . وكان غالب أحواله وتر آخر الليل لما عرف من مواظبته على الصلاة في أكثر الليل .

( قال سعيد بن المسيب : فأما أنا فإذا جئت فراشي أوترت ) كفعل أبي بكر أخذ بالحزم وغلبة النوم .

وأوصى - صلى الله عليه وسلم - أبا الدرداء وأبا ذر وأبا هريرة أن لا ينام أحدهم إلا على وتر .

وروي أنه ذكر له فعل العمرين فقال : حذر هذا وقوي هذا ، يعني عمر ولم يفضل فعل واحد منهما ولكل وجه قاله ابن عبد البر ، وجاء أنه قال لأبي بكر : أخذت بالحزم ، ولعمر : أخذت بالقوة ، ولا معارضة لهؤلاء وبين قول عائشة : " وانتهى وتره إلى السحر " لأن الأول لإرادة الاحتياط والآخر لمن علم من نفسه قوة ووثق بالانتباه كما ورد عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم أنه أفضل ، وإليه ذهب مالك والجمهور لما في مسلم عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من طمع منكم أن يقوم آخر الليل فليوتر من آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل ، ومن خاف منكم أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية