التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 5 ] أبو الزناد عبد الله بن ذكوان

قال أبو عمر : أبو الزناد لقب غلب عليه ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، لا يختلفون في ذلك ، وهو عبد الله بن ذكوان ، وذكوان أبوه مولى رملة ابنة شيبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكانت رملة هذه تحت عثمان بن عفان ، وقيل : هو مولى عائشة بنت عثمان ، وقيل : مولى عثمان ، ويقال : إن ذكوان أبا أبي الزناد كان أخا أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب - بولادة العجم - ، هكذا قال الواقدي ، ومصعب الزبيري ، والطبري .

وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى ، قال : أخبرنا أحمد بن سعيد ، قال : أخبرنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح ، قال : قال أبي : أبو الزناد من رهط أبي لؤلؤة ، كانت بينهم قرابة ، قال : وكان أحد مفتي أهل المدينة ، حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا [ ص: 6 ] أحمد بن زهير ، حدثنا مصعب بن عبد الله ، قال : كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة ، وكان صاحب كتاب وحساب ، وكان كاتبا لعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وكاتبا أيضا لخالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم بالمدينة ، قال : وقدم على هشام بن عبد الملك بحساب ديوان المدينة ، فجالس هشاما مع ابن شهاب ، فسأل هشام ابن شهاب في أي شهر كان عثمان يخرج العطاء فيه لأهل المدينة ؟ فقال : لا أدري ، فقال أبو الزناد : كنا نرى أن ابن شهاب لا يسأل عن شيء إلا وجد عنده علمه ، قال أبو الزناد : فسألني هشام ، فقلت : في المحرم ، قال هشام لابن شهاب : يا أبا بكر ، هذا علم قد أفدته اليوم ، فقال ابن شهاب : مجلس أمير المؤمنين أهل أن يفاد منه العلم ، قال مصعب : وكان أبو الزناد معاديا لربيعة بن أبي عبد الرحمن ، قال : وكان أبو الزناد وربيعة فقيهي أهل المدينة في زمانهما ، وذكر الحلواني في كتاب المعرفة ، عن ابن أبي مريم ، عن الليث ، عن عبد ربه بن سعيد ، قال : رأيت أبا الزناد دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 7 ] ومعه من الأتباع مثل ما مع السلطان ، من بين سائل عن حديث ، وبين سائل عن فقه ، وبين سائل عن فريضة ، وبين سائل عن شعر ، قال : وحدثنا علي بن المديني ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سألت سفيان الثوري ، قلت له : كيف رأيت أبا الزناد ؟ قال : أوكان ثم أمير غيره ؟ .

حدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا أبو الميمون ، حدثنا أبو زرعة ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أبو الزناد أعلم من ربيعة ، فقلت لأحمد : حديث ربيعة كيف هو ؟ قال : ثقة ، وأبو الزناد أعلم منه .

وحدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : ولى عمر بن عبد العزيز أبا الزناد بيت مال الكوفة .

وحدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير حدثني أبي ، حدثنا ابن عيينة ، عن ابن شبرمة ، قال : كان الشعبي يقول لأبي الزناد : جئت بها زيوفا وتذهب بها جيادا ، وقال المدائني : كان خالد بن عبد الملك بن الحارث بن [ ص: 8 ] الحكم قد ولى أبا الزناد المدينة ، فقال علي بن الجون الغطفاني :


رأيت الخير عاش لنا فعشنا وأحياني مكان أبي الزناد     وسار بسيرة العمرين فينا
بعدل في الحكومة واقتصاد

وقال الواقدي : سمعت مالك بن أنس يقول : كانت لأبي الزناد حلقة على حدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الواقدي : مات أبو الزناد فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة ، وهو ابن ست وستين ، وقيل : توفي أبو الزناد سنة إحدى وثلاثين ومائة وهو ابن أربع وستين .

وقال الطبري : كان أبو الزناد ثقة كثير الحديث ، فصيحا بصيرا بالعربية ، كاتبا ، حاسبا ، فقيها عالما ، عاقلا ، وقد ولي خراج المدينة .

قال أبو عمر : لمالك عنه في الموطأ أربعة وخمسون حديثا مسندة ثابتة صحاح متصلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية