التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1704 [ ص: 34 ] حديث سادس لأبي الزناد

مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبستين ، وعن بيعتين : عن الملامسة ، والمنابذة ، وعن أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء ، وعن أن يشتمل الرجل الثوب على أحد شقيه .
أما الملامسة والمنابذة ، فقد مضى تفسيرهما في باب محمد بن يحيى بن حبان من هذا الكتاب ، وهذا الحديث أيضا بين مستغن عن التفسير ، بل هو مفسر للبسة الصماء المنهي عنها ، وفيه دليل كالنص على النهي عن كشف العورة ، وهو أمر مجتمع عليه ، لا خلاف فيه ، والحمد لله .

[ ص: 35 ] حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا الخضر ، حدثنا أبو بكر - يعني الأثرم - قال : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يسأل عن الصماء في غير الصلاة ، فقال : كرهت في الصلاة ، ثم قال : أكرهها إذا لم يكن على عاتقه قميص ، قال أبو بكر : الصماء مفسرة في حديث مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشتمل الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه ، حدثناه القعنبي عن مالك .

قال أبو عمر : الصماء كما جاء في حديث أبي الزناد بأن يشتمل الثوب على أحد شقيه - يعني ولا يرفعه عنه - يتركه مطبقا ، وإنما سميت الصماء لأنها لبسة لا انفتاح فيها ، كأنه لفظ مأخوذ من الصمم الذي لا انفتاح فيه ، ومنه الأصم الذي لا انفتاح في سمعه ، ويقال للفريضة إذا لم تتفق سهامها وانغلقت : صماء ; لأنه لا انفتاح فيها للاختصار .

وقد جاء في تفسير الصماء حديث مرفوع حدثناه سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا كثير بن هشام ، قال : حدثني جعفر بن [ ص: 36 ] برقان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبستين : الصماء ، وهو أن يلتحف الرجل بالثوب الواحد ، ويحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس بين فرجه وبين السماء ستر ، وحديث أبي الزناد أقوى من هذا الإسناد ، وقد مضى القول في الصماء في أبي الزبير من هذا الكتاب ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية