التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1871 [ ص: 171 ] حديث سادس عشر لأبي الزناد

مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يقتسم ورثتي دنانير ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة .


الرواية في هذا الحديث " يقتسم " برفع الميم على الخبر ، أي ليس يقتسم ورثتي دينارا ; لأني لا أتخلف دينارا ، ولا درهما ، ولا شاة ، ولا بعيرا ، وهذا معنى حديث مسروق ، عن عائشة ، وأن ما تخلف عقارا يجري غلته على نسائه بعد مؤونة عامله ، وقد بينا هذا في حديث ابن شهاب ، والحمد لله .

وهكذا قال يحيى : دنانير ، وتابعه ابن كنانة ، وأما سائر رواة الموطأ ، فيقولون دينارا ، وهو الصواب ; لأن الواحد في هذا الموضع أهم عند أهل اللغة لأنه يقتضي الجنس ، والقليل ، والكثير ، وممن قال دينارا من أصحاب مالك : ابن القاسم [ ص: 172 ] وابن وهب ، وابن نافع ، وابن بكير ، والقعنبي ، وأبو مصعب ، ومطرف ، وهو المحفوظ في هذا الحديث ، وكذلك قال ورقاء بن عمر ، عن أبي الزناد بإسناده ، وقال ابن عيينة ، عن أبي الزناد بهذا الإسناد : لا يقتسم ورثتي بعدي ميراثي ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة .

قال ابن عيينة : يقول لا أورث ، وأما قوله : مئونة عاملي ، فإنهم يقولون : أراد بعامله خادمه في حوائطه ، وقيمه ، ووكيله ، وأجيره ، ونحو هذا ، وقد مضى القول في معاني هذا الحديث مستوعبا مبسوطا ممهدا واضحا في باب ابن شهاب من كتابنا هذا فلا معنى لإعادة ذلك ههنا ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية