التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1000 [ ص: 344 ] حديث ثامن وثلاثون لأبي الزناد

مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يضحك الله عز وجل إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ، ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد .


معنى هذا الحديث عند جماعة أهل العلم أن القاتل الأول كان كافرا ، وتوبته المذكورة في هذا الحديث إسلامه ، قال الله عز وجل : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) .

وفي هذا الحديث دليل على أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة لا محالة إن شاء الله .

حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : [ ص: 345 ] حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي العجفاء ، عن عمر بن الخطاب ، فذكر حديثا سمعه يقول : قال : وأخرى تقولونها - يعني في مغازيكم هذه لمن يقتل - قتل فلان شهيدا ، أو مات فلان شهيدا ، ولعله أن يكون قد أوقر دفتي راحلته ذهبا أو ورقا يبتغي الدنيا - أو قال التجارة - فلا تقولوا ذاكم ، ولكن قولوا كما قال النبي عليه السلام : ومن قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة .

وكذلك الآثار المتقدمة كلها تدل على ذلك ، والله أعلم وذلك على قدر النيات ، وكل من قاتل لتكون كلمة الله العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى ، فهو في الجنة إن شاء الله .

وأما قوله : يضحك الله ، فمعناه يرحم الله عبده عند ذاك ، ويتلقاه بالروح ، والراحة ، والرحمة ، والرأفة ، وهذا مجاز مفهوم ، وقد قال الله عز وجل في السابقين الأولين ، والتابعين لهم بإحسان ( رضي الله عنهم ) وقال في المجرمين ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) وأهل العلم يكرهون الخوض في مثل هذا وشبهه من التشبيه كله في الرضا والغضب وما كان مثله من صفات المخلوقين ، وبالله العصمة والتوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية