التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
573 حديث ثان لعلقمة بن أبي علقمة

مالك ، عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه أنها قالت سمعت عائشة تقول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج قالت فأمرت جاريتي بريرة أن تتبعه فتبعته حتى إذا جاء البقيع وقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم انصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيئا حتى أصبح ثم ذكرت ذلك له فقال إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم


قال أبو عمر

يحتمل أن تكون الصلاة هاهنا الدعاء ويحتمل أن تكون كالصلاة على الموتى وذلك خصوص له - والله أعلم - لأن صلاته على من صلى عليه رحمة الرسول فكأنه أمر أن يستغفر لهم كما قيل له واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات

[ ص: 111 ] وأما قوله إني بعثت إلى أهل البقيع ومسيره إليهم فلا يدرى لمثل هذا علة والله أعلم وقد يحتمل أن يكون ليعمهم بالصلاة منه عليهم ; لأنه ربما دفن منهم من لم يصل عليه كالمسكينة ومثلها ممن دفن ليلا ولم يشعر به ليكون مساويا بينهم في صلاته عليهم ولا يؤثر بعضهم بذلك ; ليتم عدله فيهم

وقد روى أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة حديثا يدل على أن ذلك كان منه عليه السلام حين خيره الله بين الدنيا والآخرة ونعيت إليه نفسه فاختار ما عنده صلى الله عليه وسلم

قرأت على عبد الوارث بن سفيان أن قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، قال حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر بن علي العيلي ، عن عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاصي ، عن عبد الله بن عمرو قال أخبرني أبو مويهبة مولى للنبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فاستغفر لهم ثم انصرف فأقبل علي فقال يا أبا مويهبة إن الله قد خيرني في مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة أو لقاء ربي فاخترت لقاء ربي فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الليلة فبدأه وجعه الذي مات منه صلى الله عليه وسلم

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد ، قال حدثنا أحمد بن محمد المكي ، قال حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال حدثنا القعنبي قال قرأت على مالك ، عن أبي [ ص: 112 ] النضر ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله قال فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا ؟ ! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخوة في الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر وهذا الحديث ليس عند يحيى ، عن مالك وهو في الزيادات

التالي السابق


الخدمات العلمية