التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
512 حديث أول للعلاء بن عبد الرحمن .

مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن قال : دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر ، فقام يصلي العصر ، فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل العصر ، أو ذكرها فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين - ثلاثا - يجلس أحدهم حتى إذا [ ص: 185 ] اصفرت الشمس فكانت بين قرني الشيطان - أو : على قرن الشيطان - قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا .


لم يختلف في إسناد هذا الحديث ولا في لفظه في الموطإ ، عن مالك فيما علمت ، وفي هذا الحديث دليل على سعة الوقت ، وأن الناس كانوا يصلون في ذلك الزمان على قدر ما يمكنهم من سعة الوقت فتختلف صلاتهم ; لأن بعضهم كان يصلي في أول الوقت ، وبعضهم في وسطه ، وبعضهم ربما في آخره . وقد قال صلى الله عليه وسلم في أول الوقت وآخره : ما بين هذين وقت وأما تأخير صلاة العصر حتى تصفر الشمس فمكروه لمن لم يكن له عذر ، بدليل هذا الحديث وغيره ، وقد ذكرنا ما في وقت صلاة العصر من السعة ، وما للعلماء في ذلك من المذاهب في مواضع من كتابنا هذا ، منها حديث زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار وبسر بن سعيد ، والأعرج ، عن أبي هريرة ، ومنها حديث ابن شهاب ، عن أنس ، وذكرنا مواقيت الصلوات كلها ممهدة مبسوطة في باب ابن شهاب ، عن عروة ، فلا معنى لإعادة ذلك ههنا ، وقد روى هذا الحديث ابن أبي حازم ، عن العلاء بأتم ألفاظ .

حدثناه يونس بن عبد الله بن مغيث قال : حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن قال : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا أبو مروان قال : حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس [ ص: 186 ] بن مالك هو وعمر بن ثابت بالبصرة قال : حين سلمنا من الظهر ، قال : وكان خالد بن عبد الله بن أسيد واليا علينا ، كان يحين وقت الصلاة ، فلما انصرفنا من الظهر دخلنا على أنس بن مالك ، وداره عند باب المسجد ، فقال : ما صليتما ؟ قلنا : صلينا الظهر ، قال : فقوما فصليا العصر . قال : فخرجت أناوعمر بن ثابت إلى الحجرة فصلينا العصر ثم ، دعانا فدخلنا عليه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافقين ، تلك صلاة المنافقين ، ينتظر أحدهم الشمس حتى إذا اصفرت وكانت على قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا .

قال أبو عمر :

قد كان عمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة عرض لمن صلى معه مثل هذا مع أنس أيضا ، وقد ذكرنا تأخير بني أمية للصلاة ممهدا في باب ابن شهاب ، عن عروة من هذا الكتاب ، والحمد لله .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن يحيى ، عن خالد بن خلاد أنه قال : صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر يوما ، ثم دخلنا على أنس بن مالك ، فوجدناه قائما يصلي العصر ، فقلنا : إنما انصرفنا الآن من الظهر مع عمر . فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة هكذا فلا أتركها أبدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية