التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1678 [ ص: 141 ] مالك ، عن سلمة بن صفوان حديث واحد

وهو سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي ، مدني ، ثقة ، يروي عن أبي سلمة وغيره ، روى عنه مالك وغيره .

مالك ، عن سلمة بن صفوان ، عن زيد بن طلحة بن ركانة ، يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء .


هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جمهور الرواة عن مالك ، ورواه وكيع ، عن مالك ، عن سلمة بن صفوان ، عن يزيد بن طلحة بن ركانة ، عن أبيه - ولا أعلم أحدا قال فيه : عن أبيه - عن مالك إلا وكيع ، فإن صحت رواية وكيع ، فالحديث مسند من هذا الطريق .

وأما معناه فمتصل مستند من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال يحيى بن يحيى في هذا الحديث زيد بن طلحة ، وقال القعنبي وابن بكير ، وابن القاسم ، وغيرهم يزيد بن طلحة بن ركانة وهو [ ص: 142 ] الصواب ، وهو يزيد بن طلحة بن ركانة بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف .

وقد أنكر يحيى بن معين على وكيع في هذا الحديث قوله : عن أبيه ، وقال : ليس فيه عن أبيه ، وهو مرسل .

وقد رواه محمد بن سليمان الأنباري ، عن وكيع ، عن مالك بن أنس ، عن سلمة بن صفوان ، عن ابن ركانة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره .

وهذا يشبه أن يكون مثل رواية جماعة أصحاب مالك ; لأنه لم يقل فيه : عن أبيه ، وإن كان لم يسمه .

ولا أعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث بغير هذا الإسناد ، إلا ما انفرد به معاوية بن يحيى ، عن الزهري ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لكل دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء .

ومعاوية بن يحيى ضعيف ، لا يحتج بحمله ، ولا يوثق بنقله ، وقد روى من حديث الشاميين بإسناد حسن .

حدثناه خلف بن القاسم - رحمه الله - قال : حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي بدمشق ، قال : حدثنا أبو عمر عبد الله بن محمد بن يحيى الأزدي ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، عن معن بن الوليد ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن مهران ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكل دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء ، من لا حياء له لا دين له .

وبإسناده ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينوا الإسلام بخصلتين ، قلنا : وما هما ؟ فقال : الحياء والسماحة في الله ، لا في غيره .

وأما حديث وكيع ، فحدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن بديع البغدادي المعدل ، حدثنا محمد بن صالح بن ذريح ، حدثنا [ ص: 143 ] هناد بن السدي ، حدثنا وكيع ، عن مالك بن أنس ، عن سلمة بن صفوان ، عن يزيد بن ركانة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لكل دين خلقا ، وإن خلق هذا الدين الحياء .

وحدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن إسماعيل بن محمد الزبيري ، حدثنا يوسف بن محمد بن عيسى ، حدثنا يوسف بن موسى القطان ، حدثنا وكيع ، عن مالك بن أنس ، عن ابن صفوان ، عن يزيد بن ركانة ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن لكل دين خلقا ، وإن خلق هذا الدين الحياء .

وقد روي عن عيسى بن يونس ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لكل دين خلق ، وخلق هذا الدين الحياء . وذلك عندنا خطأ ، وإنما هو عن سلمة بن صفوان لا عن الزهري ، عن أنس .

وحديث عيسى بن يونس ، إنما هو عن معاوية بن يحيى ، عن الزهري ، عن أنس ، لا عن مالك بن أنس ، ذكره البزار ، قال : حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا عيسى بن يونس بن يحيى ، عن الزهري ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره .

وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الحياء شعبة من الإيمان . رواه عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة .

وروى ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الحياء من الإيمان .

وقد مضت هذه الآثار في باب ابن شهاب ، عن سالم من هذا الكتاب والحمد لله .

[ ص: 144 ] حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا حمزة بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدثنا خالد بن الحارث ، عن ابن عجلان ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحياء شعبة من الإيمان .



التالي السابق


الخدمات العلمية