التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
211 [ ص: 311 ] حديث أول لداود بن الحصين

مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان ، مولى ابن أبي أحمد أنه ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فقام في ركعتين ، فقام ذو اليدين ، فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل ذلك لم يكن ، فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس ، فقال : أصدق ذو اليدين ؟ ، فقالوا : نعم ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم ما بقي من الصلاة ، ثم سجد سجدتين بعد التسليم ، وهو جالس .


هكذا في كتاب يحيى ، عن مالك في هذا الحديث : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل لنا .

وقال ابن القاسم وغيره في هذا الحديث بهذا الإسناد ، عن أبي هريرة : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر .

قرأت على عبد الرحمن بن يحيى أن الحسن بن الخضر حدثهم ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد : سمعت أبا هريرة ، يقول : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، وذكر الحديث . وكذلك رواه أكثر الرواة للموطأ ، ومنهم من [ ص: 312 ] يقول : صلى بنا ، وقد تقدم القول في معنى حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين بما فيه كفاية في باب أيوب من كتابنا هذا ، فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا .

وأما قوله في هذا الحديث : كل ذلك لم يكن يعني أن القصر والسهو لم يجتمعا ; لأنه عليه السلام قد كان متيقنا أن الصلاة لم تقصر ، وإنما الذي شك فيه السهو لا غير ، ويدل على ذلك قولهم له : قد كان بعض ذلك يا رسول الله . ويجوز أن يكون قوله : كل ذلك لم يكن ، في علمي ، أي لم أسه في علمي ، ولا قصرت الصلاة ، ولا يجوز أن يقال قصرت الصلاة في علمي ; لأنه كان يعلم أن الصلاة لم تقصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية