التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1686 [ ص: 262 ] حديث سابع لسهيل

مالك ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مسلم ، لا يشرك بالله شيئا ، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا .


في هذا الحديث دليل على أن الجنة مخلوقة ، وأن لها أبوابا ، وقد جاء في الآثار الصحاح أن لها ثمانية أبواب .

وقد ذكرنا ذلك في باب ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن من هذا الكتاب من طرق شتى ، فلا وجه لإعادة ذلك هاهنا .

وفيه أن المغفرة لا تكون إلا للعبد المسلم الذي لا يشرك بالله شيئا ، قال الله عز وجل ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .

وفيه أن المهاجرة والعداوة والشحناء والبغضاء من الذنوب العظام والسيئات الجسام ، وإن لم تكن في الكبائر مذكورة ، ألا ترى أنه استثنى في هذا الحديث غفرانها وخصها بذلك .

وقد بينا الوجه في الهجرة ، وما يجوز منها ، وما لا يجوز ، وكيف المخرج والتوبة منها في باب ابن شهاب عن أنس وغيره من هذا الكتاب .

[ ص: 263 ] وفيه أن الذنوب إذا كانت بين العباد فوقعت بينهم فيها المغفرة والتجاوز والعفو ، سقطت المطالبة بها من قبل الله عز وجل ، ألا ترى إلى قوله : حتى يصطلحا ، فإذا اصطلحا غفر لهما ذلك وغيره من صغائر ذنوبهما بأعمال البر من الطهارة والصلاة والصيام والصدقة .

وفيه دليل على فضل يوم الاثنين والخميس على غيرهما من الأيام ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومهما ويندب أمته إلى صيامهما ، وكان يتحراهما بالصيام ، وأظن هذا الخبر إنما توجه إلى أمة وطائفة كانت تصومهما تأكيدا على لزوم ذلك ، والله أعلم ، وولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين ، ونبئ يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، وأبو عوانة ، قالا : حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس ، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا .

التالي السابق


الخدمات العلمية