التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
198 حديث سابع لسمي

مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه .


[ ص: 32 ] وهذا الحديث يوجب أن يقتصر الإمام على قول سمع الله لمن حمده ، وألا يقول معها ربنا ولك الحمد ، ويقتصر المأموم على ربنا لك الحمد ، ولا يقول معها سمع الله لمن حمده ، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في ذلك ، وفي سائر معاني هذا الباب في باب ابن شهاب عن أنس وسعيد من هذا الكتاب ، فلا معنى لتكرير ذلك هاهنا .

ومعنى سمع الله لمن حمده : تقبل الله حمد من حمده . ومنه قولهم : سمع الله دعاءك ، أي : أجابه الله وتقبله .

وأما قوله في هذا الحديث : فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ، فقد مضى في باب ابن شهاب في معنى التأمين ما يدل على معنى هذا الباب - إن شاء الله ، والوجه عندي في هذا - والله أعلم - تعظيم فضل الذكر ، وأنه يحط الأوزار ويغفر الذنوب ، وقد أخبر الله عن الملائكة أنهم يستغفرون للذين آمنوا ويقولون ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ) ، فمن كان منه من القول مثل هذا بإخلاص واجتهاد ونية صادقة وتوبة صحيحة غفرت ذنوبه إن شاء الله ، ومثل هذه الأحاديث المشكلة المعاني البعيدة التأويل عن مخارج لفظها واجب ردها إلى الأصول المجتمع عليها وبالله التوفيق .

وقد روي عن عكرمة ما يدل على أن أهل السماء يصلون في حين صلاة أهل الأرض على نحو صلاة أهل الأرض ويؤمنون أيضا ، فمن وافق ذلك منهم غفر له ، والله أعلم . وكل ذلك ندب إلى الخير وإرشاد إلى البر ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية