التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1490 حديث موف عشرين لهشام بن عروة

مالك عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أن رجلا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم .


وهذا الحديث أيضا مجتمع على القول بمعناه ، ولا خلاف بين العلماء أن صدقة الحي عن الميت جائزة مرجو نفعها وقبولها إذا كانت من طيب ، فإن [ ص: 154 ] الله لا يقبل إلا الطيب ، وليس الصدقة عندهم من باب عمل البدن في شيء ، فلا يجوز لأحد أن يصلي عن أحد ، وجائز له أن يتصدق عن وليه وعن غيره ، وهذا مما ثبتت به السنة ولم تختلف فيه الأمة ، ويقولون إن الرجل المذكور في هذا الحديث هو سعد بن عبادة ، وقد مضى القول في قصة سعد بن عبادة وصدقته عن أمه في غير موضع من كتابنا هذا والحمد لله .

.

وأما قوله : افتلتت نفسها ، فإنه أراد اختلست نفسها وماتت فجأة ، قال الشاعر :


من يأمن الأيام بعد صبيرة القرشي ماتا سبقت منيته المشيب ، وكان ميتته افتلاتا

.

وقال خالد بن يزيد :

فإن تفتلتها فالخلافة تنفلت     بأكرم علقي منبر وسرير



وقال أبو بكر بن شاذان : سألت أبا زيد النحوي عن قول عمر " كانت بيعة أبي بكر فلتة " ، فقال : أراد قول الشاعر :

وكان ميتته افتلاتا



قال : وتقول العرب إذا رأت الهلال بغير قصد إلى ذلك : رأيت الهلال فلتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية