التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1415 [ ص: 32 ] حديث ثان لربيعة متصل مسند

مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي ، عن رافع بن خديج : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، قال حنظلة : فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق ؟ قال : أما الذهب ، والورق فلا بأس .


قال أبو عمر :

اختلف الناس في كراء المزارع ، فذهبت فرقة إلى أن ذلك لا يجوز بوجه من الوجوه ، ومالوا إلى ظاهر هذا الحديث ، وما كان مثله ، قالوا : إنه قد روي عن رافع بن خديج من هذا الوجه وغيره - خلاف ما حكاه ربيعة عن حنظلة عنه من تأويله .

[ ص: 33 ] هذا ، وذكروا أن أحاديث رافع في ذلك مضطربة الألفاظ ، مختلفة المعاني ، واحتجوا بما حدثناه إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدثنا محمد بن العباس الحلبي ، قال : حدثنا أبو عوانة الحسين بن محمد الحراني بحران ، قال : حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن عطاء ، عن جابر قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها ، ولا يواجرها ، وحدثنا إسماعيل أيضا قال : حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله مكحول البيروتي ببيروت ، قال : حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس ، قال : حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن عطاء ، عن جابر مثله ، سواء مرفوعا .

[ ص: 34 ] قالوا : فهذا جابر يروي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن كراء الأرض مطلقا ، ولم يختلف عن جابر في ذلك كما اختلف عن رافع .

وقد روي من حديث رفاعة عن رافع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها ، أو ليزرعها أخاه أو ليدعها .

وذكر من ذهب إلى هذا المذهب من حديث رافع ما رواه ابن شهاب ، عن سالم : أن ابن عمر كان يكري أرضه ، حتى بلغه أن رافع بن خديج كان ينهى عن كراء الأرض ، فترك ابن عمر كراء الأرض .

ورواه جماعة عن ابن شهاب هكذا ، وكذلك رواه جويرية وحده عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم : أنه سأله عن كراء المزارع فقال سالم : أخبر رافع بن خديج عبد الله بن عمر : أن عميه ، وكانا شهدا بدرا أخبراه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع فترك عبد الله كراءها ، وكان يكريها قبل ذلك ، والذي في الموطأ مالك : عن ابن شهاب أنه قال : سألت سالم بن عبد الله عن كراء الأرض بالذهب والفضة ، فقال : لا بأس بذلك ، قال : فقلت : أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج ؟ فقال : أكثر رافع بن خديج ، ولو كانت لي أرض أكريتها ، هكذا . هو في الموطأ ، عن أبي شهاب ، عن سالم قوله ، ورواه جويرية مرفوعا ، وقد روى نافع عن ابن عمر مثله .

[ ص: 35 ] ولما كان سالم يذهب إلى إجازة كراء الأرض بالذهب ، والورق ، ولم يحمل نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع على العموم ، اعترضه ابن شهاب بحديث رافع ، والقول بظاهره ، فقال سالم : أكثر رافع في حمله الحديث على ظاهره ، ومنعه من كرائها بالذهب والورق ; لأن المعنى عند سالم وطائفة من العلماء كان النهي عن كرائها ; لوجوه سنذكرها مفسرة ، بعد هذا إن شاء الله :

منها : أنه إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض ; لأنهم كانوا يكرونها ببعض ما يخرج منها .

ومنها : قول زيد بن ثابت : إنه أعلم بذلك من رافع لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه قوم قد تشاجروا وتقاتلوا في كراء المزارع ، وهذا كله يدل على أن ليس الحديث على ظاهره ، ولا عمومه ، وأنه لمعنى ما قدمنا قد اعتقده كل فريق فيه ، فلهذا قال سالم : أكثر رافع ، يعني في حمل الحديث على ظاهره - والله أعلم - أي حجر ما قد وسعه الله تعالى ، وتأول ما يضيق على الناس ، على أنه قد روي عن رافع إجازة كرائها بالذهب والورق ، وغير ذلك مما يأتي بعد ، إن شاء الله .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا أبي قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يكري أرضه في عهد أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وصدرا من إمارة معاوية حتى إذا كان في آخرها بلغه أن رافعا يحدث في ذلك بنهي [ ص: 36 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه ، وأنا معه فسأله فقال : نعم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد .

قالوا : وهذا أيضا على الإطلاق والعموم ، وما رواه الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عفير أن رافع بن خديج كان يقول : منعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نكري المحاقل .

والمحاقل : فضول يكون من الأرض .

وما رواه عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن ابن رافع بن خديج ، عن أبيه سمعه يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجارة الأرض .

وإلى هذا ذهب طاوس اليماني فقال : لا يجوز كراء الأرض بالذهب ولا بالورق ولا بالعروض ، وبه قال أبو بكر الأصم عبد الرحمن بن كيسان فقال : لا يجوز كراء الأرض بشيء من الأشياء ، قال : لأنها إذا استؤجرت ، وحرثها المستأجر وأصلحها ، لعله أن يحرق زرعه فيردها وقد زادت ، فانتفع رب الأرض ، ولم ينتفع المستأجر ، فمن هناك لم يجز لأحد أن يستأجرها - والله أعلم - .

وقال آخرون : جائز كراء الأرض لمن شاء ، ولكنه لا يجوز كراؤها بشيء من الأشياء إلا بالذهب والورق ، وذكروا في إباحة [ ص: 37 ] كراء الأرض ما رواه عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عروة بن الزبير قال : قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج ، أنا - والله - أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان من الأنصار قد اقتتلا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فسمع قوله لا تكروا المزارع ذكره أبو داود ، عن مسدد ، عن بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، واحتجوا بحديث طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن المسيب ، عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها ، ورجل منح [ ص: 38 ] أرضا فهو يزرع ما منح ، ورجل اكترى بذهب أو فضة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير ، وبكر بن حماد ، قال أحمد : حدثنا الفضل بن دكين ، وقال بكر : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق بن عبد الرحمن فذكره ، وذكر أبو داود ، عن مسدد مثله .

قالوا : فلا يجوز أن يتعدى ما في هذا الحديث لما فيه من البيان والتوقيف ، ولأن رافعا بذلك كان يفتي ألا ترى ما ذكره ربيعة عن حنظلة عنه .

وكان أحمد بن حنبل يقول : أحاديث رافع في كراء الأرض مضطربة ، وأحسنها حديث يعلى بن حكيم ، عن سليمان بن يسار ، عن رافع بن خديج .

[ ص: 39 ] وقال آخرون : جائز أن تكرى الأرض بكل شيء من الأشياء حاشا الطعام .

واحتجوا بما رواه يعلى بن حكيم ، عن سليمان بن يسار ، عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ، ولا يكريها بثلث ، ولا ربع ، ولا طعام مسمى ذكره أبو داود قال : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة عن يعلى بن حكيم ، وذكره أيضا عن محمد بن عبيد ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب قال : كتب إلي يعلى بن حكيم : إني سمعت سليمان بن يسار فذكره .

وذكر مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله عن كراء المزارع ، فقال : لا بأس بها بالذهب والورق .

وإلى هذا ذهب مالك ، وأكثر أصحابه على ما بينا عنهم ، وعن [ ص: 40 ] غيرهم من العلماء في باب داود بن الحصين ، والحمد لله .

قالوا : فقد حجر في هذا الحديث على كراء الأرض بالطعام المعلوم ، وذكروا نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة ، وقد تأولوا في ذلك أنها استكراء الأرض بالحنطة ، وما كان في معناها ، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في معنى المحاقلة والمخابرة وكراء الأرض في باب داود من كتابنا هذا بما يغني عن إعادته هاهنا ، وإنما ذكرنا هاهنا اختلاف الآثار في ذلك ، وجملة الأقاويل ، وبالله التوفيق .

وقال آخرون : جائز أن تكرى الأرض بالذهب ، والورق ، والطعام كله ، وسائر العروض إذا كان ذلك معلوما .

وكل ما جاز أن يكون ثمنا لشيء فجائز أن يكون أجرة في كراء الأرض ما لم يكن مجهولا ، ولا غررا .

واحتجوا بما روى الأوزاعي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال : ( ( سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب ، والورق ، فقال : لا بأس بذلك إنما كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواجرون بها على الماذيانات وأقبال الجداول ، فيهلك هذا ، ويسلم هذا ، ويسلم هذا ، ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه - صلى الله عليه وسلم - فأما بشيء معلوم فلا بأس به ) ) .

[ ص: 41 ] قالوا : ففي هذا الحديث إجازة كراء الأرض بكل شيء معلوم ، وإنما النهي عن ذلك بأن يجهل البدل ، ذكره أبو داود عن إبراهيم بن موسى ، عن عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، قال أبو داود : روى الليث عن ربيعة مثله ، قال : ورواية يحيى بن سعيد عن حنظلة نحوه مثله .

قال أبو عمر :

روى الثوري ، وابن عيينة ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : أخبرني حنظلة بن قيس أنه سمع رافع بن خديج يقول : كنا أكثر الأنصار ، وأكثر أهل المدينة حقلا ، وكنا نقول للذي نخابره ، ونكري منه الأرض : لك هذه القطعة ، ولنا هذه ، فربما أخرجت هذه ، ولم تخرج هذه شيئا فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فأما بذهب أو ورق فلم ينهنا دخل حديث بعضهم في بعض . قيل لابن عيينة : إن مالكا يروي هذا الحديث ، عن ربيعة ، فقال : وما يريد بذلك ، وما [ ص: 42 ] يرجو منه ؟ يحيى بن سعيد أحفظ منه ، وقد حفظناه عنه ، ورواية الأوزاعي عن ربيعة موافقة لرواية يحيى بن سعيد ، ورواية مالك مختصرة .

ففي هذا الحديث : أن النهي إنما كان مخرجه من أجل المخابرة ، وجهل الإجارة ، وذلك أيضا بين فيما ذكر الحميدي عن ابن عيينة قال : حدثنا عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه فتركنا ذلك من أجل قوله ، فقد بان بهذا الحديث معنى حديث ابن شهاب عن سالم عن أبيه الذي قدمنا ذكره ، وبان به أن ذلك من أجل المخابرة ، وهي كراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، لا خلاف في ذلك ، وقد ذكرناه ، ومضى القول فيه من جهة اللغة والآثار بما فيه كفاية .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عمر يقول : كنا لا نرى بالخبر بأسا ، حتى كان عام أول ، فزعم رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه .

قالوا : والخبر : المخابرة ، وهي كراء الأرض ببعض ما [ ص: 43 ] تخرجه على سنة خيبر ، وذلك منسوخ ، وقد بان نسخه بهذا الحديث ، وما كان مثله .

واحتجوا أيضا أن حديث رافع بن خديج إنما معناه النهي عن المزارعة ، وهي كراء الأرض بالثلث والربع بما حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا الحكم بن أبي عبد الرحمن بن أبي نعيم ، قال : سمعت أبي يقول : عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى عن المزارعة .

وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أسيد بن ظهير قال : أتانا رافع بن خديج ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن الحقل .

[ ص: 44 ] والحقل : المزارعة بالثلث والربع ، وهو معنى حديث ثابت بن الضحاك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى عن المزارعة .

وعللوا حديث جابر بأنه يحتمل أن يكون على الندب ، وأن مطرا الوراق قد خالفه غيره فيه ، فرواه عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : كان لرجال هنا فضول أرضين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكانوا يواجرونها على النصف والثلث ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك ، فقالوا : فقد تبين بهذا أن النهي إنما خرج عن المزارعة ، والمخابرة ، وذلك كراء الأرض ببعض ما تخرجه .

وكذلك روى أبو الزبير ، عن جابر ، قال : كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - نأخذ الأرضين بالثلث ، والربع ، وبالماذيان فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

[ ص: 45 ] قالوا : وأما بالطعام المعلوم فلا بأس بذلك كسائر العروض ، ولم يفرقوا بين كراء الأرض ، وكراء الدار ، وإلى هذا ذهب الشافعي - رحمه الله - .

وقال آخرون : أحاديث رافع في هذا الباب لا يثبت منها شيء يوجب أن يكون حكما لاختلاف ألفاظها واضطرابها ، وكذلك حديث جابر .

قالوا : وممكن أن يكون النهي عن ذلك على نحو ما رواه سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : كان الناس يكرون المزارع بما يكون على السواقي ، وبما ينبته الماء حول البئر ، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

حدثناه أبو محمد عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن [ ص: 46 ] محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ، عن سعيد بن المسيب عن سعد قال : كنا نكري الأرض بما على السواقي ، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، وأمرنا أن نكريها بذهب أو ورق . وهذا على نحو ما قاله يحيى بن سعيد عن حنظلة عن رافع في ذلك . قوله : لك هذه القطعة ، ولي هذه ، فربما أخرجت هذه ، وربما لم تخرج هذه ، ومثله ما رواه الأوزاعي عن ربيعة عن حنظلة عن رافع ، وذلك كله مجهول وغرر ، ولا يجوز أخذ العوض على مثله في الشريعة للجهل به .

قالوا : فأما الثلث والربع والجزء المعلوم فجائز ; لأن ذلك معلوم سنة ماضية في قصة خيبر ; إذ أعطاها - صلى الله عليه وسلم - اليهود على نصف ما تخرج أرضها وثمرتها .

[ ص: 47 ] وروى ابن المبارك قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ، ويزرعوها ، ولهم شطر ما خرج منها وروى أنس بن عياض ، ويحيى القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر ، ذكر ذلك كله البخاري ، وهو صحيح الأثر ، وقد تقدم القول بذكر القائلين بهذه الأقاويل ، وبمعنى اختلافهم في ذلك في باب حديث داود بن الحصين من كتابنا هذا ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية