التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1645 حديث سادس وخمسون لهشام بن عروة

مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلع له أحد ، فقال : هذا جبل يحبنا ونحبه .


وهذا مرسل في الموطأ عند جماعة الرواة ، وهو مسند عن مالك من حديثه عن عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محفوظ من حديث أنس ، ومن حديث سويد بن النعمان الأنصاري .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن جميل بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أحد جبل يحبنا ونحبه ، وإنه لعلى ترعة من ترع الجنة .

وحدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد بدمشق قال : حدثنا أبو زرعة قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال : أخبرنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري قال : أخبرني عقبة بن سويد الأنصاري [ ص: 331 ] أن أباه أخبره أنهم قفلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك ، فلما قدمنا المدينة بدا لنا أحد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذا جبل يحبنا ونحبه .

قال أبو عمر : ذهب جماعة من أهل العلم إلى حمل هذا القول على الحقيقة ، وقالوا : جائز أن يحبهم الجبل كما يحبونه ، وعلى هذا حملوا كل ما جاء في القرآن ، وفي الحديث من مثل هذا ، نحو قوله - عز وجل - : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) ، ‎ و ( قالتا أتينا طائعين ) ، و ( ياجبال أوبي معه والطير ) أي : سبحي معه و ( جدارا يريد أن ينقض ) ، ومثله في القرآن كثير .

وأما الحديث ففيه ما لا يحصى من مثل هذا ، نحو ما روي أن البقاع لتتزين للمصلي ، وأن البقاع لينادي بعضها بعضا : هل مر بك اليوم ذاكرا لله .

وقال آخرون : هذا مجاز ، يريد أنه جبل يحبنا أهله ونحبهم ، وأضيف الحب إلى الجبل لمعرفة المراد في ذلك عند المخاطبين ، مثل قوله : ( واسأل القرية ) يريد أهلها ، وقد ذكرنا هذا المعنى بدلائل المجاز فيه وما للعلماء من المذاهب في ذلك عند قوله - صلى الله عليه وسلم - : اشتكت النار إلى ربها في باب عبد الله بن يزيد وباب زيد بن أسلم ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية