التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
440 [ ص: 31 ] مالك ، عن يزيد بن رومان أبي روح حديث واحد

ويزيد بن رومان هذا مولى الزبير بن العوام كان أحد قراء أهل المدينة ، وكان عالما بالمغازي : مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ثقة سكن المدينة ، وبها كانت وفاته سنة ثلاثين ومائة .

مالك ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه ، وطائفة وجاه العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما ، وأتموا ; لأنفسهم ثم انصرفوا ، فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة من صلاته ثم ثبت جالسا ، وأتموا ; لأنفسهم ثم صلى بهم .


[ ص: 32 ] لم يختلف ، عن مالك في إسناد هذا الحديث ، ومتنه ، ورواه أبو أويس ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه خوات بن جبير ، فذكر معناه .

ورواه عبد الله بن عمر ، عن أخيه عبيد الله بن عمر ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه .

ورواه شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة مرفوعا ، ولم يختلف ، عن شعبة في إسناده هذا ، واختلف عنه في متنه على ما قد ذكرناه في باب نافع من هذا الكتاب ، وعند مالك فيه حديثه ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة موقوفا .

وإلى حديث مالك ، عن يزيد بن رومان المذكور في هذا الباب ذهب الشافعي - رحمه الله - وأصحابه في صلاة الخوف ، وبه قال داود ، وهو قول مالك إلا أن ابن القاسم ذكر عنه أنه رجع إلى حديث القاسم بن محمد في ذلك ، والخلاف منه إنما هو في موضع واحد ، وذلك أن الإمام عنده لا ينتظر الطائفة الثانية إذا صلى بها ركعة ، ولكن يسلم ثم تقوم تلك الطائفة ، فتقضي ; لأنفسها ذهب في ذلك إلى حديثه ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل ابن أبي حثمة .

[ ص: 33 ] قال ابن القاسم كان مالك يقول : لا يسلم الإمام حتى تقوم الطائفة الثانية ، فتتم ; لأنفسها ثم يسلم بهم على حديث يزيد بن رومان ثم رجع إلى حديث القاسم بن محمد أن الإمام يسلم ثم تقوم الطائفة الثانية ، فيقضون .

قال أبو عمر : لأهل العلم أقاويل مختلفة ، ومذاهب متباينة في صلاة الخوف قد ذكرناها ، وذكرنا الآثار التي بها نزع كل فريق منهم ، ومنها قال ، وإليها ذهب ، وأوضحنا ذلك ، ومهدناه بحججه ، ووجوهه ، وعلله في باب نافع من هذا الكتاب ، والحمد لله .

وأما قوله : يوم ذات الرقاع ، فهي غزاة معروفة عند جميع أهل العلم بالمغازي ، واختلف في المعنى الذي سميت به ذات الرقاع ، فذكر الأخفش ، عن أبي أسامة ، عن يزيد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة ، فكنا نمشي على أقدامنا حتى نقبت ، فكنا نشدها بالخرق ، ونعصب عليها العصائب ، فسميت غزوة ذات الرقاع .

قال أبو بردة ، فلما حدث أبو موسى بهذا الحديث ندم ، وقال ما كنا نصنع بذكر هذا كأنه كره أن يذكر شيئا من عمله الصالح . [ ص: 34 ] وقال غيره : إنما سميت ذات الرقاع ; لأنهم رقعوا فيها راياتهم ، والرايات دون البنود ، وفوق الطرادات إلى البنود ما هي . وقيل : كانت أرضا ذات ألوان ، وقيل : إن ذات الرقاع شجرة نزلوا تحتها ، وانصرفوا يومئذ عن موادعة من غير قتال

التالي السابق


الخدمات العلمية