التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1080 مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت .


[ ص: 76 ] هذا حديث ثابت من جهة الإسناد ، وبه أخذ مالك في جلود الميتة إذا دبغت أن يستمتع بها ، ولا تباع ، ولا ترهن ، ولا يصلى عليها ، ولا يتوضأ فيها ، ويستمتع بها في سائر ذلك من وجوه الانتفاع ; لأن طهارة الدباغ عنده ليست بطهارة كاملة ، وأكثر الفقهاء يقولون : إن دباغها طهورها طهارة كاملة في كل شيء لقوله - صلى الله عليه وسلم - أيما إهاب دبغ ، فقد طهر ، وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا الباب من المذاهب ، والأقوال ، والحجج ، والإعلال في باب يزيد بن أسلم ، عن ابن وعلة من هذا الكتاب ، والحمد لله .

وروى مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول : ذكاة ما في بطن الذبيحة ذكاة أمه إذا كان قد نبت شعره ، وتم خلقه .

وقد روى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكاة الجنين ذكاة أمه جابر ، وابن عمر ، وأبو سعيد ، وأبو أيوب بأسانيد حسان ، وليس في شيء منها ذكر شعر ، ولا تمام خلق [ ص: 77 ] ويقول سعيد بن المسيب بقول مالك : إن تم خلقه ، وأشعر أكل ، وإن لم يتم خلقه لم يؤكل .

وقال الثوري بن سعد ، والأوزاعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود : يؤكل بذكاة أمه إن كان ميتا ، ولم يذكروا تمام خلق ، ولا شعر .

وروي ، عن ابن عباس : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) قال الجنين .

وقال أبو حنيفة ، وزفر لا يؤكل إلا إن كان حيا ، فيذكى ، وهو قول إبراهيم النخعي .

وقال الحسن في قوله : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) قال الشاة ، والبقرة ، والبعير .

وروى أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، وأيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قالا : ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا أشعر .

وهذا القول ليس فيه رد للآثار المرفوعة بل هو تفسير لها ، وهو أول ما قيل به في هذا الباب ; لأنه إذا لم يتم خلقه ، ولا نبت شيء من شعره ، فهو في حكم مضغة الدم ، - والله أعلم - ، وهو الموفق للصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية