التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
قال أبو عمر : التدليس في محدثي أهل الكوفة كثير ، قال يزيد بن هارون : لم أر بالكوفة أحدا إلا وهو يدلس إلا مسعرا ، وشريكا .

وذكر إسحاق بن إبراهيم ، عن أبي بكر بن عياش ، عن الأعمش ، قال : قال لي حبيب بن أبي ثابت : لو أن رجلا حدثني عنك بحديث ما باليت أن أرويه عنك .

[ ص: 34 ] وروى معاذ بن معاذ ، عن شعبة ، قال : ما رأيت أحدا إلا وهو يدلس ، إلا عمرو بن مرة وابن عون .

وقال يحيى بن سعيد القطان : مالك ، عن سعيد بن المسيب أحب إلي من الثوري ، عن إبراهيم لأنه لو كان شيخ الثوري فيه رمق ; لبرح به وصاح .

وقال مرة أخرى : كلاهما عندي شبه الريح .

حدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا الخشني ، حدثنا أبو موسى الزمن ، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن ، عن ابن عون ، قال : ذكر أيوب لمحمد يوما حديثا ، عن أبي قلابة فقال : أبو قلابة رجل صالح ، ولكن انظر عمن ذكره أبو قلابة .

وحدثنا خلف بن أحمد ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا الحضرمي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، قال : كان الرجل يحدث محمدا بالحديث فلا يقبل عليه ويقول : والله ما أتهمك ، ولا أتهم ذاك ، ولكن أتهم من بينكما .

[ ص: 35 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو داود - يعني الطيالسي - قال : قال شعبة : كنت أعرف إذا جاء ما سمع قتادة مما لم يسمع ، كان إذا جاء ما سمع يقول : حدثنا أنس بن مالك ، وحدثنا الحسن ، وحدثنا سعيد بن المسيب ، وحدثنا مطرف ، وإذا جاء ما لم يسمع يقول : قال سعيد بن جبير ، وقال أبو قلابة .

وذكر أبو عيسى الترمذي ، حدثنا حسين بن مهدي البصري ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا ابن المبارك ، قال : قلت لهشيم : ما لك تدلس ، وقد سمعت كثيرا ؟ قال : كان كبيراك يدلسان : الأعمش ، والثوري ، وذكر أن الأعمش لم يسمع عن مجاهد إلا أربعة أحاديث .

وقال : قال أبو عيسى : قلت لمحمد بن إسماعيل البخاري : لم يسمع الأعمش من مجاهد إلا أربعة أحاديث ، قال : ريح ، ليس بشيء لقد عددت له أحاديث كثيرة نحوا من ثلاثين أو أقل أو أكثر يقول فيها : حدثنا مجاهد .

قال البخاري : ولا أعرف لسفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، ولا عن سلمة بن كهيل ، ولا عن منصور ، وذكر مشايخ كثيرة ، فقال : لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا ما أقل تدليسه .

[ ص: 36 ] قال البخاري : وكان حميد الطويل يدلس .

حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إسماعيل الأيلي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زيد بن أسلم ، قال : قال عبد الله بن عمر : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف - يعني مسجد قباء - يصلي فيه ، ودخلت رجال من الأنصار يسلمون عليه ، ودخل معهم صهيب ; فسألت صهيبا : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سلم عليه ؟ قال : يشير بيده .

قال سفيان بن عيينة : فقلت لرجل : سل زيد بن أسلم ، وفرقت أن أسأله : هل سمعت هذا من ابن عمر ؟ فقال له : يا أبا أسامة أسمعته من ابن عمر ؟ قال زيد : أما أنا فقد رأيته .

قال أبو عمر : جواب زيد هذا جواب حيرة عما سئل عنه ، وفيه دليل والله أعلم على أنه لم يسمع هذا الحديث من ابن عمر ، ولو سمعه منه لأجاب بأنه سمعه ، ولم يجب بأنه رآه ، وليست الرؤية دليلا على صحة السماع [ ص: 37 ] وقد صح سماعه من ابن عمر لأحاديث ، وقد ذكرنا ذلك في أول بابه من هذا الكتاب ، والحمد لله .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا شعيب بن حرب ، قال : قال مالك بن أنس : كنا نجلس إلى الزهري ، وإلى محمد بن المنكدر فيقول الزهري : قال ابن عمر : كذا وكذا ، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلنا له : الذي ذكرت عن ابن عمر ، من أخبرك به ؟ قال : ابنه سالم .

وقال حبيب بن الشهيد : قال لي محمد بن سيرين سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة ؟ فسألته فقال : من سمرة .

قال أبو عمر : فهكذا مراسيل الثقات ، إذا سئلوا أحالوا على الثقات .

يقولون : لم يسمع الحسن من سمرة غير حديث العقيقة ، هكذا قال ابن معين وغيره ، وقال البخاري : قد سمع منه أحاديث كثيرة ، وصحح سماعه من سمرة ، فيما ذكر الترمذي أبو عيسى عن البخاري ، فالله أعلم .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سليمان الأعمش ، قال : قلت لإبراهيم : إذا [ ص: 38 ] حدثتني حديثا فأسنده ، فقال : إذا قلت : عن عبد الله - يعني ابن مسعود - فاعلم أنه عن غير واحد ، وإذا سميت لك أحدا فهو الذي سميت .

التالي السابق


الخدمات العلمية