التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
459 [ ص: 134 ] حديث سادس ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ، ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين .


هكذا هذا الحديث في الموطأ ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد مرسلا .

ورواه محمد بن خالد بن عثمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس حتى حولت القبلة قبل بدر بشهرين .

انفرد به عن محمد بن خالد بن عثمة ، عبد الرحمن بن خالد بن نجيح ، وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به .

وفي هذا الحديث بيان النسخ في أحكام الله - عز وجل - ، وهو باب يستغنى عن القول فيه لاتفاق أهل الحق عليه ، وقد أتينا بلمع من علله في مواضع من كتابنا ، والحمد لله .

وذكرنا نسخ الصلاة إلى الكعبة ، وكيف كان الوجه في ذلك ، وكثيرا من معاني استقبال القبلة في باب ابن شهاب ، عن عروة ، وفي باب عبد الله بن دينار ، فأغنى ، عن ذكر ذلك هاهنا ، وهذا الحديث ومثله أصل في علم الخبر ، وحفظ السير ، وقد روي معناه مسندا من وجوه من حديث البراء ، وغيره ، ولم يختلف العلماء في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم [ ص: 135 ] المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا ، وقيل : سبعة عشر ، وقيل : ثمانية عشر ، وإنما اختلفوا في صلاته بمكة ، فقالت طائفة : كانت إلى الكعبة ، وقال آخرون : كانت إلى بيت المقدس ، وقد ذكرنا ما روي في ذلك ، وقيل : به في باب ابن شهاب ، عن عروة من هذا الكتاب في باب صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة حين فرض الصلاة ، وذكرنا بعض ذلك مع حكم من صلى القبلة مجتهدا ، وغير مجتهد في باب عبد الله بن دينار .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن أسد قال : حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال : حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم قال : حدثنا إسحاق ، عن زكرياء ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب قال قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم إنه وجه إلى الكعبة ، فمر رجل قد كان صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على قوم من الأنصار ، فقال : أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وجه إلى الكعبة ، فانصرفوا .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا سنيد قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال لما قدم النبي - عليه السلام - المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان [ ص: 136 ] يحب أن يوجه إلى الكعبة ، فأنزل الله ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) فوجه نحو الكعبة ، وكان يحب ذلك .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا أبو الأحوص قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن البراء قال صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا ، فلما أنزلت هذه الآية في القبلة ( فولوا وجوهكم شطره ) . قال : فنزلت بعدما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فانطلق رجل من القوم ، فمر بناس من الأنصار ، وهم يصلون ، فحدثهم الحديث ، فولوا وجوههم .

وقد روى هذا الحديث شعبة ، والثوري ، وزهير بن معاوية ، وهو أتمهم له سياقة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء مثله .

وقد ذكرنا تاريخ تحويل القبلة إلى الكعبة ، والاختلاف في ذلك في باب ابن شهاب ، عن عروة ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية