التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1784 [ ص: 147 ] حديث عاشر ليحيى بن سعيد

يحيى ، عن أبي سلمة

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الرؤيا الصالحة من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه ، فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ ، وليتعوذ بالله من شرها ، فإنها لن تضره قال أبو سلمة : إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل ، فلما سمعت هذا الحديث ، فما كنت أباليها .


هذا الحديث بين المعنى ، وفيه دليل على أن الرؤيا السيئة لا تضر من استعاذ بالله من شرها ، ونفث عن يساره ، والرؤيا السيئة حلم ، وتهويل من الشيطان ، وتحزين لابن آدم على ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قد ذكرناه في باب إسحاق بن أبي طلحة من هذا الكتاب .

وقد روى هذا الحديث الزهري ، عن أبي سلمة ، وهو عند معمر ، وابن عيينة ، وعقيل ، وليس عند مالك .

[ ص: 148 ] قال أبو عمر :

ذكر الجوهري ، والنسائي في مسنده حديث مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي سلمة ، عن عائشة سمعها تقول : إن كان ليكون علي الصيام من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان . فأدخلا هذا في المسند ، ولا وجه له عندي إلا وجه بعيد ، وذلك أنه زعم أن ذلك كان لحاجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها ، واستدل بحديث مالك ، عن أبي النضر ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر صياما منه في شعبان .

وقد يستدل من قول عائشة هذا على جواز تأخير قضاء رمضان ; لأن الأغلب أن تركها لقضاء ما كان عليها من رمضان لم يكن إلا بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا كان ذلك كذلك كان فيه بيان لمراد الله - عز وجل - من قوله ( فعدة من أيام أخر ) ; لأن الأمر يقتضي الفور حتى تقوم الدلالة على التراخي كما يقتضي الانقياد إليه ، ووجوب العمل به حتى [ ص: 149 ] تقوم الدلالة على غير ذلك ، وفي تأخير عائشة قضاء ما عليها من صيام رمضان دليل على التوسعة ، والرخصة في تأخير ذلك ، وذلك دليل على أن شعبان أقصى الغاية في ذلك ، فمن أخره حتى يدخل عليه رمضان آخر وجبت عليه الكفارة التي أفتى بها جمهور السلف ، والخلف من العلماء ، وذلك مد عن كل يوم ، - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية