التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1749 [ ص: 153 ] حديث ثاني عشر ليحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار أن عروة بن الزبير حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل بيت أم سلمة ، وفي البيت صبي يبكي ، فذكروا أن به العين قال عروة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا تسترقون له من العين .


هذا حديث مرسل ، عند جميع الرواة ، عن مالك في الموطأ ، وهو حديث صحيح يستند معناه من طرق ثابتة ، وقد تقدم ذكر بعضها في باب حميد بن قيس من كتابنا هذا في قصة ابني جعفر ، وفيه رواية النظير عن النظير .

وقد روى هذا الحديث أبو معاوية ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن عروة ، عن أم سلمة ذكره البزار قال : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية .

وحدثنا أحمد بن قاسم ، وعبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا روح قال : حدثني ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله [ ص: 154 ] يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء ابنة عميس : ما شأن أجسام بني أخي ضارعة أتصيبهم حاجة ؟ قالت : لا ، ولكن تسرع إليهم العين أفنرقيهم ؟ قال : وبماذا ؟ فعرضت عليه ، فقال : ارقيهم .

وحدثنا خلف بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان قال : حدثنا يوسف بن سعيد قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لبني عمرو بن حزم في رقية الحمة قال : وقال لأسماء بنت عميس : ما شأن أجسام بني أخي ضارعة ؟ ، فذكر مثله حرفا بحرف إلى آخره .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة البارقي أن أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا محمد بن غالب قال : حدثنا سهل بن بكار قال : حدثنا ، وهيب ، عن أبي واقد ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : استعيذوا بالله من العين ; فإن العين حق [ ص: 155 ] قال أبو واقد ، وذكر ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : بلغني عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرقى حين قدم المدينة ، وكانت الرقى في ذلك الزمان فيها كثير من كلام الشرك ، فلما قدم المدينة لدغ رجل من أصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، قد كان آل حزم يرقون من الحمة ، فلما نهيت ، عن الرقى تركوها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادعوا لي عمارة بن حزم ، ولم يكن له ولد ، وكان قد شهد بدرا ، فدعي له ، فقال : اعرض علي رقيتك ، فعرضها عليه ، فلم ير بها بأسا ، وأذن لهم بها .

قال ابن وهب ، وأخبرني أسامة بن زيد الليثي قال : حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : عرض آل عمرو بن حزم رقيتهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن يرقوا بها .

قال ابن وهب ، وأخبرني ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أرقي من العقرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل .

قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة ، عن عبد الله بن المغيرة أن كثير بن أبي سليمان العدوي أخبره ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : كثير من الرقى ، والأخذة ، والكهانة ، ونظر في النجوم طرف من السحر .

[ ص: 156 ] قال ابن وهب : وأخبرني ابن سمعان قال : سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : إذا لدغ الإنسان فنهشته حية أو لسعته عقرب ، فليقرأ الملدوغ بهذه الآية ( نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ) . فإنه يعافى بإذن الله .

قال أبو عمر :

لا أعلم خلافا بين أهل العلم في جواز الاسترقاء من العين والحمة ، وقد ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والآثار في الرقي أكثر من أن تحصى .

وقال جماعة من أهل العلم : الرقي جائز من كل وجع ، ومن كل ألم ، ومن العين وغير العين .

وحجتهم حديث عثمان بن أبي العاصي ، ومثله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في جواز الرقي من الوجع ، وقد ذكرنا حديث عثمان بن أبي العاصي في باب يزيد بن خصيفة من هذا الكتاب ، وحديث ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات ، ونفث ، وروى إبراهيم ، عن الأسود مثله بمعناه .

وروى أنس ، وعائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا دخل على مريض قال : أذهب البأس رب الناس الحديث .

وروى محمد بن حاطب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله [ ص: 157 ] وروى صالح بن كيسان ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن الشفاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها ، فقال لها : علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتاب .

ومن حديث عبادة ، وأبي سعيد الخدري ، وميمونة ، وعائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز الرقى من كل شيء يشتكى به من الأوجاع كلها .

وقال آخرون : لا رقية إلا من عين أو لدغة عقرب ، واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا رقية إلا من عين أو حمة . والحمة لدغة العقرب ، وهذا حديث يرويه الشعبي ، واختلف عليه فيه اختلافا كثيرا .

حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

وحدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا الحسين بن جعفر الزيات قال : حدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا العباس بن طالوت حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

[ ص: 158 ] ورواه مالك بن مغول ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن عمران بن حصين حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

ورواه مجاهد ، عن الشعبي ، عن جابر ، ورواه العباس بن ذريح ، عن الشعبي ، عن أنس .

حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد الله بن محمد الكرماني حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة حدثنا مجاهد ، عن الشعبي ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقأ .

وقد مضى في باب حميد بن قيس في قصة ابني جعفر كثير من معاني هذا الباب .

ومضى فيه حديث حجاج ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لبني عمرو بن حزم في رقية الحمة .

قال ابن وهب الحمة اللدغة .

التالي السابق


الخدمات العلمية