التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1012 [ ص: 227 ] حديث خامس وعشرون ليحيى بن سعيد

يحيى عن أبي صالح

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لولا أن أشق على أمتي لأحببت أن لا أتخلف عن سرية تخرج في سبيل الله ، ولكني لا أجد ما أحملهم عليه ، ولا يجدون ما يتحملون عليه فيخرجون ، ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي ، فوددت أني أقاتل في سبيل الله ، فأقتل ، ثم أحيا فأقتل ، ثم أحيا فأقتل .


في هذا الحديث دليل على أن الجهاد ليس بفرض معين على كل أحد في خاصته ، ولو كان فرضا معينا ما تخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو شق على أمته ، والجهاد عندنا بالغزوات والسرايا إلى أرض العدو فرض على الكفاية ، فإذا قام بذلك من فيه كفاية ونكاية للعدو سقط عن المتخلفين ، فإذا أظل العدو بلدة مقاتلا لها تعين الفرض على كل أحد حينئذ في خاصته على قدر طاقته خفيفا وثقيلا ، شابا وشيخا ، حتى يكون فيمن يكاثر العدو كفاية بهم .

[ ص: 228 ] ومن أوضح شيء في أن الجهاد إلى أرض العدو ليس فرضا على الجميع - قول الله - عز وجل - ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) . وفي هذا إباحة القعود ، والتخلف ، وتفضيل المجاهد على القاعد ، فصار الجهاد فضيلة لمن سبق إليه ، وقام به لا فريضة على الجميع .

التالي السابق


الخدمات العلمية