التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
995 [ ص: 285 ] حديث حاد وثلاثون ليحيى بن سعيد

يحيى
، عن محمد بن يحيى بن حبان ، أربعة أحاديث

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان أن زيد بن خالد الجهني قال : توفي رجل يوم خيبر ، وأنهم ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزعم أنه قال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فزعم زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن صاحبكم قد غل في سبيل الله قال : ففتحنا متاعه ، فوجدنا خرزات من خرز يهود ما تساوين درهمين .


هكذا في كتاب يحيى وروايته : عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان - أن زيد بن خالد - لم يقل عن أبي عمرة ، ولا عن ابن أبي عمرة ، وهو غلط منه ، وسقط من كتابه ذكر أبي عمرة ، واختلف أصحاب مالك في أبي عمرة أو ابن أبي عمرة في هذا الحديث - أيضا - فقال القعنبي ، وابن القاسم ، ومعن بن عيسى ، وأبو المصعب ، وسعيد بن عفير ، وأكثر النسخ عن ابن بكير كلهم قالوا في هذا الحديث ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن [ ص: 286 ] حبان ، عن ابن أبي عمرة أن زيد بن خالد الجهني قال : توفي رجل ، فذكروا الحديث .

وقال ابن وهب ، ومصعب الزبيري ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن أبي عمرة ، عن زيد بن خالد ، وابن وهب يقول في حديث : ألا أخبركم بخير الشهداء .

مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن ابن أبي عمرة ، وسماه عبد الرحمن ، واختلاف أصحاب مالك عن مالك في إسناد حديث عبد الله بن أبي بكر هذا أكثر من اختلافهم عنه في إسناد يحيى بن سعيد هذا ، وقد ذكرنا ذلك في باب عبد الله بن أبي بكر .

وروى ابن جريج ، وحماد بن زيد ، وابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد هذا الحديث ، فقالوا فيه : عن محمد بن يحيى ، عن أبي عمرة كما قال ابن وهب ، ومصعب ، وقالت فيه طائفة : عن ابن أبي عمرة ، وكان عند أكثر شيوخنا في الموطأ عن يحيى في هذا الحديث : توفي رجل يوم حنين - وهو وهم - إنما هو يوم خيبر ، وعلى ذلك جماعة الرواة ، وهو الصحيح ، والدليل على صحته قوله : فوجدنا خرزات من خرزات يهود ، ولم يكن بحنين يهود ، - والله أعلم - [ ص: 287 ] وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : صلوا على صاحبكم ، فإن ذلك كان كالتشديد بغير الميت من أجل أن الميت قد غل لينتهي الناس عن الغلول ; لما رأوا من ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة على من غل ، وكانت صلاته على من صلى عليه رحمة ، فلهذا لم يصل عليه عقوبة له ، وتشديدا لغيره - والله أعلم - .

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - : صلوا على صاحبكم دليل على أن الذنوب لا تخرج المذنب عن الإيمان ; لأنه لو كفر بغلوله كما زعمت الخوارج لم يكن ليأمر بالصلاة عليه ، فإن الكافر والمشرك لا يصلي عليه المسلمون ، لا أهل الفضل ولا غيرهم ، ويجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم أن ذلك الميت قد كان غل بوحي من الله ، ويجوز بغير ذلك - والله أعلم - .

وقد ذكرنا أحكام الغلول ، وعقوبة الغال ، وما للعلماء في ذلك كله ممهدا في باب ثور بن زيد من هذا الكتاب ، والحمد لله ، وبه التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية