التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
497 [ ص: 348 ] حديث ثامن وثلاثون ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عائشة أم المومنين قالت : كنت نائمة إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففقدته من الليل ، فلمسته بيدي ، فوضعت يدي على قدميه ، وهو ساجد يقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .


هذا حديث مرسل في الموطأ عند جماعة الرواة لم يختلفوا عن مالك في ذلك ، وهو يستند من حديث الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن عائشة ، ومن حديث عروة ، عن عائشة من طرق صحاح ثابتة .

حدثني أحمد بن محمد قراءة مني عليه قال : حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري قال : حدثنا محمد بن جرير الطبري قال : حدثني ابن عبد الرحيم البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال : حدثني عمارة بن غزية قال : سمعت أبا النضر يقول : سمعت عروة بن الزبير يقول : قالت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معي على فراشي ، فوجدته ساجدا راصا عقبيه ، مستقبلا بأطراف أصابعه القبلة ، فسمعته يقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك ، وبك منك ، أثني عليك ، لا أبلغ كل ما [ ص: 349 ] فيك . قالت : فلما انصرف قال : يا عائشة أخذك شيطانك ، فقلت : أما لك شيطان ؟ قال : ما من آدمي إلا له شيطان . فقلت : يا رسول الله ، وأنت ؟ قال : وأنا ، ولكني دعوت الله ، فأعانني عليه فأسلم .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال : حدثنا عمر بن إبراهيم المقرئ ببغداد قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال : حدثنا علي بن شعيب ، وحدثنا خلف بن القاسم الحافظ قال : حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل قال : حدثنا يعقوب الدورقي ، وعلي بن شعيب ، ومحمد بن عثمان بن كرامة قالوا : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن عائشة قالت : فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة من الفراش ، فالتمسته في البيت ، وجعلت أطلبه بيدي ، فوقعت يدي على قدميه ، وهما منتصبتان . وفي حديث قاسم منصوبتان ، وهو ساجد ، فسمعته يقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ولفظهم متقارب ، والمعنى سواء .

وفي هذا الحديث - والله أعلم - دليل على أن اللمس باليد لا ينقض الطهارة إذا كان لغير شهوة - والله أعلم - وفي ذلك نظر ; لأن من العلماء [ ص: 350 ] من لا ينقض الطهارة بملامسة اليد على حال ، ومنهم من ينقضها بملامسة اليد على كل حال ، وقد بينا مسألة الملامسة ، وما للعلماء فيها من المذاهب ، وما بينهم في ذلك من التنازع ، وما احتج به كل فريق منهم لمذهبه ، ومهدنا ذلك وأوضحناه في باب أبي النضر من كتابنا هذا ، والحمد لله .

وروينا عن مالك أنه قال في قوله في هذا الحديث : لا أحصي ثناء عليك يقول : وإن اجتهدت في الثناء عليك ، فلن أحصي نعمك وثناءك وإحسانك .

قال أبو عمر : في قوله : أنت كما أثنيت على نفسك دليل على أنه لا يبلغ وصفه ، وأنه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه تبارك اسمه ، وتعالى جده ، ولا إله غيره .

وقد روي عن يحيى بن سعيد من حديث عائشة حديث يوافق حديث هذا الباب في بعض معانيه ، وهو عندي حديث آخر - والله أعلم - .

حدثنا أحمد بن محمد قال : حدثنا أحمد بن الفضل قال : حدثنا محمد بن جرير قال : حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة : أن عائشة ذكرت أنها فقدت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ، فأتته ، فإذا هو في المسجد ، فأدخلت يدها في شعره ، وانصرفت ، فقال : ما شأنك ؟ أقد جاءك [ ص: 351 ] شيطانك ؟ قلت : أوما لك شيطان ؟ قال : بلى ، ولكن الله أعانني عليه فأسلم .

وحدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا محمد بن جرير حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة أنه بلغه : أن عائشة كانت نائمة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففقدته من الليل ، فسمعت صوته وهو يصلي ، قالت : فقمت إليه ، فأدخلت يدي في شعره ، فمسسته أبه بلل ؟ ثم رجعت إلى فراشي ، ثم إنه سلم ، فقال : أجاءك شيطانك ؟ فقلت : أما لك شيطان ؟ قال : بلى ، ولكن الله أعانني عليه فأسلم .

حدثنا سعيد بن نصر حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره : اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك .

التالي السابق


الخدمات العلمية