التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
297 [ ص: 352 ] حديث تاسع وثلاثون ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أنه قال : جاء عثمان بن عفان إلى صلاة العشاء ، فرأى أهل المسجد قليلا ، فاضطجع في مؤخر المسجد ينتظر الناس أن يكثروا ، فأتاه ابن أبي عمرة فجلس إليه ، فسأله من هو ، فأخبره ، فقال له : ما معك من القرآن ؟ فأخبره ، فقال عثمان : من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة ، ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة .


وهذا - أيضا - لا يكون مثله رأيا ، ولا يدرك مثل هذا بالرأي ، وقد روي مرفوعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ورواه ابن جريج ، عن يحيى بن سعيد قال : أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة قال : خرج عثمان إلى العشاء الآخرة ، فذكر مثل حديث مالك سواء إلى آخره بلفظه ومعناه موقوفا لم يرفعه .

ذكره عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، وكذلك رواه عن يحيى بن سعيد موقوفا كما رواه مالك ، وابن جريج ، ويزيد بن هارون ، وعبد الوهاب الثقفي .

[ ص: 353 ] ورواه عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف ، وهو عندهم ثقة لا بأس به ، وليس كيحيى بن سعيد في الإتقان والجلالة ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمرة ، عن عثمان مرفوعا .

رواه عن عثمان بن حكيم سفيان الثوري ، وعبد الواحد بن زياد العبدي ، ذكره عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عثمان بن حكيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلى العشاء في جماعة فهو كنصف قيام ليلة ، ومن صلى العشاء والصبح في جماعة فهو كقيام ليلة .

وأخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسحاق بن يوسف قال : حدثنا سفيان ، عن أبي سهل يعني عثمان بن حكيم قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة .

هكذا في حديث عثمان بن حكيم هذا المرفوع : من صلى العشاء والفجر في جماعة ، فكأنما قام ليلة .

وفي حديث يحيى بن سعيد من قول عثمان - رضي الله عنه - من شهد الصبح في جماعة ، فكأنما قام ليلة لم يذكر معها العشاء .

[ ص: 354 ] وكذلك في حديث الشفاء ، عن عمر بن الخطاب من قوله ، ذكره مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة : أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح ، وأن عمر غدا إلى السوق ، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق ، فمر على الشفاء أم سليمان ، فقال : لم أر سليمان في الصبح ، فقالت : إنه بات يصلي ، فغلبته عيناه ، فقال عمر : لأن أشهد صلاة الصبح أحب إلي من أن أقوم ليلة .

هكذا رواه مالك ، وخالفه معمر في إسناده ، والقول في ذلك قول مالك - والله أعلم - .

ورواه أبو حفص الأبار ، عن يحيى بن سعيد مرفوعا ، إلا أنه جعل في موضع العشاء الصبح ، وفي موضع الصبح العشاء ; حدثناه أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا أحمد بن الحسن الصيرفي حدثنا أبو الربيع الزهراني ، عن عمر بن عبد الرحمن الأبار ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام ليلة ، وصلاة الصبح في جماعة تعدل قيام نصف ليلة .

ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سليمان بن أبي حثمة ، عن الشفاء ابنة عبد الله قالت : دخل عمر بن الخطاب ، فوجد عندي رجلين نائمين ، فقال : ما شأن هذين : أما شهدا الصلاة قالت : يا أمير المومنين صليا مع الناس - وكان ذلك في [ ص: 355 ] رمضان ، فلم يزالا يصليان حتى أصبحا ، ثم صليا الصبح ، ثم ناما ، فقال عمر : لأن أصلي الصبح في جماعة أحب إلي من أن أصلي ليلة حتى أصبح .

ليس في هذا الحديث حكم ، وإنما فيه فضل صلاة الفريضة في جماعة ، وزعم بعض الناس أن فيه دليلا على جواز صلاة الرجل وحده ، وإن كانت مفضولة ، وليس ذلك بالبين في هذا الحديث ; لأنه يجوز أن يكون صلاها بعد كالفائتة ، وقد مضى القول في هذه المسألة .

التالي السابق


الخدمات العلمية