التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
449 [ ص: 432 ] حديث موفي خمسين ليحيى بن سعيد

يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب - حديثان :

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك وبهيمتك ، وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميت .


هكذا رواه مالك ، عن يحيى ، عن عمرو بن شعيب مرسلا ، وتابعه جماعة على إرساله منهم : المعتمر بن سليمان ، وعبد العزيز بن مسلم القسملي ، فرووه عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب مرسلا .

ورواه جماعة عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - مسندا منهم : حفص بن غياث ، والثوري ، وعبد الرحيم بن سليمان ، وسلام أبو المنذر .

فأما حديث الثوري ، فذكره أبو داود قال : حدثنا سهل بن صالح ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى يقول : فذكر مثل لفظ حديث مالك سواء .

وذكر العقيلي : حدثنا محمد بن يحيى العسكري ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا حفص بن غياث - عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن [ ص: 433 ] شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك ، وأحي بلدك الميت ، وانشر رحمتك .

وأحسن شيء روي في الدعاء في الاستسقاء مرفوعا - : ما أخبرناه عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا ابن أبي خلف ، حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا مسعر ، عن يزيد الفقيمي ، عن جابر بن عبد الله قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بواكي ، فقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا ، نافعا غير ضار ، عاجلا غير آجل ; قال : فأطبقت عليهم السماء .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن الهيثم ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا حصين ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ، ولا يخطر لهم فحل ، فصعد المنبر ، فحمد الله ، ثم قال : اللهم اسقنا غيثا ، مغيثا ، مريعا مريئا ، طبقا غدقا ، عاجلا غير رائث ، ثم نزل ، فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قال : قد أحيينا .

وذكر ابن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن عيسى بن حفص ، عن عطاء بن أبي مروان ، عن أبيه قال : خرجنا مع عمر بن الخطاب نستسقي ، فما زاد على الاستغفار .

[ ص: 434 ] وعن وكيع ، عن سفيان ، عن مطرف ، عن الشعبي : أن عمر خرج يستسقي ، فصعد المنبر ، فقال ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ، واستغفروا ربكم إنه كان غفارا ، ثم نزل ، فقيل : يا أمير المومنين ، لو استسقيت ، فقال : لقد طلبت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر .

وروينا من وجوه عن عمر - رحمه الله - أنه خرج يستسقي ، وخرج معه بالعباس ، فقال : اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ، ونستشفع به ، فاحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما ، وأتيناك مستغفرين مستشفعين ، ثم أقبل على الناس ، فقال ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) إلى قوله ( وأنهارا ) . ثم قال العباس - وعيناه تنضحان - فطال عمر ، ثم قال : اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة ، ولا تدع الكسير بدار مضيعة ، فقد ضرع الصغير ، ورق الكبير ، وارتفعت الشكوى ، وأنت تعلم السر والنجوى ، اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا ، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون . فنشأت طريرة من سحاب ، فقال الناس : ترون ترون . ثم تلاءمت واستتمت وهبت فيها ريح ، ثم هرت [ ص: 435 ] ودرت ، فوالله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء ، وقلطوا المباز ، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ، ويقولون : هنيئا لك ساقي الحرمين .

وقد ذكرنا كثيرا من معاني هذا الباب في باب شريك بن أبي نمر من هذا الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية