التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
582 [ ص: 236 ] حديث ثاني عشر لربيعة مرسل

مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن غير واحد من علمائهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية ، وهي من ناحية الفرع ، فتلك المعادن لا يؤخذ منها ( إلى اليوم إلا الزكاة )


هكذا هو في [ ص: 237 ] الموطأ ، عند جميع الرواة مرسلا ، ولم يختلف فيه عن مالك .

وهذا الحديث رواه الدراوردي ، عن ربيعة بن بلال بن الحارث المزني ، عن أبيه .

حدثنا إبراهيم بن شاكر ، ومحمد بن إبراهيم قالا : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن أيوب قال : حدثنا أحمد بن عمرو البزار قال : حدثنا يوسف بن سليمان قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن ربيعة ، فذكره .

ورواه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي عليه السلام ، وكثير مجتمع على ضعفه ، لا يحتج بمثله ( ذكره البزار ، ولفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية جلسيها ، وغوريها ، وحيث يصلح الزرع من مدهن ، ولم يعطه حق مسلم .

[ ص: 238 ] رواه أبو يونس ، عن كثير ، عن أبيه ، عن جده ، وعن ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وليس يرويه عن أبي أويس ، عن ثور ، وانفرد أبو سبرة المدني ، عن مطرف ، عن مالك ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن بلال بن الحارث بمثله سواء ، ولم يتابع أبو سبرة على هذا الإسناد ) ، وإسناد ربيعة فيه صالح حسن ، وهو حجة لمالك ، ومن ذهب مذهبه في المعادن .

واختلف العلماء فيما يخرج من المعادن ( فقال مالك : لا شيء فيما يخرج من المعادن ) غير الذهب والفضة ، ولا شيء فيما يخرج منها من الذهب ، والفضة حتى يكون الذهب عشرين مثقالا ، والفضة مائتي درهم ، فيجب فيها الزكاة مكانها ، وما زاد فبحساب ذلك ، ما دام في المعدن نيل ، [ ص: 239 ] فإن انقطع ، ثم جاء بعد ذلك نيل ، فإنه يبتدأ فيه مقدار الزكاة مكانه ، قال : والمعدن بمنزلة الزرع لا ينتظر به حول قال : وما وجد في المعدن من الذهب ، والفضة من غير كبير عمل فهو بمنزلة الركاز فيه الخمس قال : والمعدن في أرض العرب ، والعجم سواء قال : والمعدن في أرض الصلح لأهلها لهم أن يصنعوا فيها ما شاءوا ، ويصالحون لمن أذنوا له فيه على ما شاءوا : من خمس أو غيره قال : وما افتتح عنوة فهو إلى السلطان يصنع بها ما شاء .

واختلف قول الشافعي فيما يخرج من المعادن فمرة يقول بقول مالك في ذلك ، ومرة يقول بما يخرج منها فائدة يستأنف بها حول ، وهو قول الليث بن سعد .

وقال الأوزاعي : في ذهب المعدن وفضته الخمس ، ولا شيء فيما يخرج منه غيرهما .

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : في الذهب ، والفضة ، والحديد ، والنحاس ، والرصاص الخمس ، واختلف قوله أعني أبا حنيفة في الزئبق يخرج في المعادن فمرة قال : فيه الخمس ، ومرة قال : ليس فيه شيء كالقار ، والنفط .

وقد أوضحنا هذه المسألة في باب ابن شهاب ، عند قوله - صلى الله عليه وسلم - : والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس ( وتقصينا القول فيها هنالك ، والحمد لله ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية