التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 240 ] زيد بن أسلم

مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

قال أبو عمر :

زيد بن أسلم ، يكنى أبا أسامة ، وأبوه أسلم يكنى أبا خالد بابنه خالد بن أسلم ، وهو من سبي عين التمر ، ( وهو أول سبي دخل المدينة في خلافة أبي بكر ، بعث به خالد بن الوليد فأسلموا ، وأنجبوا كلهم : منهم حمران بن أبان ، ويسار مولى قيس بن مخرمة ، وأفلح مولى أبي أيوب ، وأسلم مولى عمر ) .

وكان أسلم من جلة الموالي علما ، ودينا ، وثقة .

وزيد بن أسلم أحد ثقات أهل المدينة ، وكان من العلماء العباد الفضلاء ، وزعموا أنه كان أعلم أهل المدينة بتأويل القرآن بعد محمد بن كعب القرظي .

وقد كان زيد بن أسلم يشاور في زمن القاسم ، وسالم .

[ ص: 241 ] روى ابن وهب قال : أخبرني أسامة بن زيد بن أسلم أنه كان جالسا عند أبيه ; إذ أتاه رسول من النصارى ، وكان أميرا لهم ، فقال : إن الأمير يقول لك : كم عدة الأمة تحت الحر ؟ وكم طلاقه إياها ؟ وكم عدة الحرة تحت العبد ؟ وكم طلاقه إياها ؟ .

قال أبي : عدة الأمة المطلقة حيضتان ، وطلاق الحر الأمة ثلاث ، وطلاق العبد الحرة تطليقتان ، وعدتها ثلاث حيض ، ثم قام الرسول فقال أبي : ( إلى أين تذهب ؟ فقال : أمرني أن آتي القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله فأسألهما فقال أبي : ) أقسمت عليك إلا ما رجعت إلي فأخبرتني بما يقولان لك ، قال : فذهب ، ثم رجع فأخبره أنهما قالا كما قال ، وقال الرسول : قالا : قل له : ليس في كتاب الله ، ولا سنة من رسول الله ، ولكن عمل به المسلمون .

وقال مالك : كان زيد بن أسلم من العلماء الذين يخشون الله ، وكان ينبسط إلي ، وكان يقول : ابن آدم اتق الله يحبك الناس ، وإن كرهوا .

قال أبو عمر :

توفي زيد بن أسلم سنة ست وثلاثين ومائة ، في عشر ذي الحجة ، وفي هذه السنة استخلف أبو جعفر المنصور .

[ ص: 242 ] ( وكان علي بن حسين بن علي يتخطى الخلق إلى زيد بن أسلم ، وكان نافع بن جبير يثقل ذلك عليه ، فرآه ذات يوم يتخطى إليه فقال : أتتخطى مجالس قومك إلى عبد آل عمر بن الخطاب ؟ فقال علي بن حسين : إنما يجالس الرجل من ينفعه في دينه ) .

وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يدني زيد بن أسلم ، ويقربه ، ويجالسه ، وحجب الأحوص الشاعر يوما فقال :

خليلي أبا حفص هل أنت مخبري أفي الحق أن أقصى ويدنى ابن أسلما

فقال عمر : ذلك الحق اهـ .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عمرو القاضي المالكي قال : حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا ابن أبي شيبة قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزاعي قال : أخبرني زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : لما وضع مالك الموطأ ، جعل أحاديث زيد بن أسلم في آخر الأبواب ، فأتيته فقلت : أخرت أحاديث زيد بن أسلم ، جعلتها في آخر الأبواب فقال : إنها كالسراج تضيء لما قبلها .

[ ص: 243 ] لمالك عن زيد بن أسلم من مرفوعات الموطأ أحد وخمسون حديثا : منها مسندة ثلاثة وعشرون حديثا .

ومنها حديث منقطع : قصة معاوية مع أبي الدرداء ، تتمة أربعة وعشرين .

ومنها مرسلة سبعة وعشرون حديثا : من مراسيل سعيد بن المسيب واحد ، ومن مراسيل عطاء بن يسار خمسة عشر ، ومن مراسليه عن نفسه أحد عشر حديثا .

التالي السابق


الخدمات العلمية