التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1772 [ ص: 109 ] حديث رابع وسبعون ليحيى بن سعيد

مالك عن يحيى بن سعيد قال : بلغني أن خالد بن الوليد قال : لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أروع في منامي ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه ، وعقابه ، وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون .


وهذا حديث مشهور مسندا ، وغير مسند .

أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى قال : حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب قال : حدثنا علي بن حرب الطائي قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن محمد بن يحيى بن حبان - أن خالد بن الوليد كان يروع ، أو يروق من الليل ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضب الله ، وعقابه من شر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون .

وأخبرنا قاسم بن محمد قال : حدثنا خالد بن سعد قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور قال : حدثنا محمد بن سنجر قال : حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ، قال : كان الوليد بن الوليد بن المغيرة يروع في منامه ، قال : فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا [ ص: 110 ] اضطجعت للنوم فقل : بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، وشر عباده ، وشر همزات الشياطين ، وأن يحضرون ، فقالها فذهب عنه ذلك ، فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من بنيه ، ومن كان منهم لا يقيمها كتبها وعلقها عليه .

هكذا قال : ابن إسحاق في هذا الحديث الوليد بن الوليد وهو أخو خالد بن الوليد وكان من فضلاء الصحابة ، أسلم قبل أخيه ، وقتل شهيدا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض السرايا .

وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم من الفزع كلمات : أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه ، وشر عباده ، ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون .

وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه ، ومن لم يعقل كتبها فعلقها عليه .

وفي هذا الحديث دليل على أن كلام الله - عز وجل - غير مخلوق ; لأنه لا يستعاذ بمخلوق ، وليس في هذا الحديث ما يحتاج إلى تفسير إلا قوله : وأن يحضرون ، فإن أهل المعاني قالوا : معناه وأن تصيبوني بسوء .

وكذلك قال : أهل التفسير في قول الله - عز وجل - : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون [ ص: 111 ] يصيبوني بسوء .

قال : ومثل هذا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن هذه الحشوش محتضرة أي يصاب الناس فيها ، ومن هذا أيضا قول الله - عز وجل - : كل شرب محتضر أي يصيب منه صاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية