التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 219 ] حديث ثاني عشر من البلاغات

مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال : كان رجلان أخوان ، فهلك أحدهما قبل أن يهلك صاحبه بأربعين ليلة ، فذكرت فضيلة الأول ، عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألم يكن الآخر مسلما ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، وكان لا بأس به ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وما يدريكم ما بلغت به صلاته ، إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم . يقتحم فيه كل يوم خمس مرات ، فما ترون ذلك يبقى من درنه ؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته .


النهر الغمر : الكثير الماء ، والدرن : الوسخ .

ويدل هذا الحديث - والله أعلم - على أن العذب من المياه أشد إنقاء للدرن من غير العذب ، كما أن الكثير أنقى من اليسير ، وهذا مثل ضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة يخبر بأنها تكفر ما قبلها من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر ، وقد مضى هذا المعنى مجودا في باب زيد بن أسلم - والحمد لله - والرواية الصحيحة يبقى بالباء لا بالنون .

[ ص: 220 ] قال أبو عمر :

أما قصة الأخوين ، فليست تحفظ من حديث سعيد بن أبي وقاص إلا في مرسل مالك هذا ، وقد أنكره أبو بكر البزار وقطع بأنه لا يوجد من حديث سعد البتة ، وما كان ينبغي له أن ينكره ; لأن مراسيل مالك أصولها صحاح كلها ، وجائز أن يروي ذلك الحديث سعد وغيره ، وقد رواه ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه ، عن عامر بن سعد عن أبيه ، مثل حديث مالك سواء ، وأظن مالكا أخذه من كتب بكير بن الأشج وأخبره به عنه مخرمة ابنه ، أو ابن وهب - والله أعلم - فإن هذا حديث انفرد به ابن وهب لم يروه أحد غيره ، فيما قال جماعة من العلماء بالحديث .

قال أبو عمر :

تحفظ قصة الأخوين من حديث طلحة بن عبيد الله ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عبيد بن خالد ومن حديث سعد هذا من رواية مالك هذه ، ومرسل حديث مالك هذا أقوى من مسند بعض حديث هؤلاء .

وأما آخر هذا الحديث قوله : مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر فهو محفوظ من حديث أبي هريرة وحديث جابر وحديث أبي سعيد الخدري من طرق صحاح ثابتة .

ويروى مثل الصلوات الخمس أيضا من حديث عامر بن سعد عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزعم أبو بكر البزار أن حديث مالك هذا كله خطأ في ‌ [ ص: 221 ] قصة الأخوين ، وقصة : مثل الصلوات الخمس ، قال البزار : ولم يرو أحد عن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله : مثل الصلوات الخمس ، ولا أعلمه من حديث سعد ، والله أعلم .

قال أبو عمر :

قد رواه ابن وهب كما وصفنا عن مخرمة عن أبيه ، حدثناه عبد الرحمن بن مروان ، حدثنا الحسن بن علي بن داود ، حدثنا عباس بن محمد ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب قال : أخبرني مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت سعدا ، وأناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : كان رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخوان ، وكان أحدهما أفضل من الآخر ، فتوفي الذي هو أفضلهما ، ثم عمر الآخر بعده أربعين ليلة ، ثم توفي ، فذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضيلة الأول على الآخر ، فقال : أولم يكن يصلي ؟ فقالوا : بلى ، وكان لا بأس به يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما يدريكم ما بلغت به صلاته ؟ ثم قال عند ذلك : إنما الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب رجل يقتحم فيه كل يوم خمس مرات ، فماذا ترون ذلك يبقي من درنه ؟ إنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته .

تفرد به ابن وهب .

فأما حديث طلحة في قصة الأخوين ، فحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المومن قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال : حدثنا عبد الله [ ص: 222 ] بن أحمد بن حنبل قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن الهادي .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : أخبرنا ابن لهيعة ، ويحيى بن أيوب قالا : حدثنا ابن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن عبد الله أن رجلين من بلي قدما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إسلامهما جميعا ، وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر ، فغزا المجتهد منهما فاستشهد ، ثم مات الآخر بعده بسنة ، قال طلحة : بينما أنا عند باب الجنة ، إذ أتي بهما ، فخرج خارج من الجنة ، فأذن للذي توفي الآخر منهما ، ثم خرج فأذن للذي استشهد ، ثم رجع إلي فقال : ارجع فإنك لم يأن لك بعد ، فأصبح طلحة يحدث الناس ، فعجبوا لذلك ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من أي ذلك تعجبون ؟ قالوا : يا رسول الله ، هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ، ثم استشهد في سبيل الله ، ودخل هذا الجنة قبله ، قال : أليس هذا قد مكث بعده سنة ، قالوا : بلى ، قال : وأدرك رمضان وصامه ؟ قالوا : بلى ، قال : وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة ؟ قالوا : بلى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : بينهما أبعد ما بين السماء والأرض .

سئل يحيى بن معين ، عن حديث أبي سلمة ، عن طلحة بن عبيد الله ، فقال : مرسل لم يسمع من طلحة بن عبيد الله .

[ ص: 223 ] قال أبو عمر :

هو عند أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن طلحة ، وسنذكره هاهنا - إن شاء الله - بعد هذا .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة قال : نزل رجلان من أهل اليمن على طلحة بن عبيد الله ، فقتل أحدهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم مكث الآخر بعده سنة ، ثم مات على فراشه ، فرأى طلحة بن عبيد الله أن الذي مات على فراشه دخل الجنة قبل الآخر بحين ، فذكر ذلك طلحة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : كم مكث بعده ؟ قال : حولا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( على ) ألف وثمانمائة صلاة وصام رمضان .

وقد روى هذه القصة إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن جده في ثلاثة إخوة بنحو هذا المعنى أخبرناه قاسم بن محمد قال : حدثنا خالد بن سعد قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن منصور قال : حدثنا محمد بن سنجر الجرجاني قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن جده طلحة بن عبيد الله قال : نزل علي ثلاثة إخوة من بلي ، وهم من بني عذرة ، فغزا رجل منهم في بعض [ ص: 224 ] مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتل ، وغزا الآخر بعده في بعض مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - فمات ، وبقي الآخر فمات بعدهما ، فأريت في منامي كأنهم أحضروا باب الجنة فبدئ بالذي مات فأدخل الجنة ، ثم ثني بالذي مات في الغزو فأدخل الجنة ، ثم ثلث بالذي قتل في سبيل الله فأدخل الجنة ، ثم ذهبت لأدخل فحجبت ، فأصبحت مذعورا ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : وما أذعرك يا أبا محمد ؟ إن الذي مات على فراشه أدرك من فضل العمل ما بدئ به ، وإن الذي مات في سبيل الله أدرك من فضل العمل بعد صاحبه ما ثني به ، وإن الذي قتل في سبيل الله فأدخل الجنة بقتله في سبيل الله ، وأنت فلم يحضرك أجلك فتدخلها .

ولم يسمعه إبراهيم بن محمد بن طلحة من جده ، بينهما عبد الله بن شداد .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا وكيع ، حدثنا طلحة بن يحيى ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن شداد أن نفرا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا ، قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : من يكفلهم ؟ قال : طلحة : أنا ، قال : فكانوا ، عند طلحة ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثا ، فخرج فيه أحدهم فاستشهد ، قال : ثم بعث بعثا فخرج فيه آخر فاستشهد ، قال : ثم مات الثالث على فراشه ، قال : قال طلحة : فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في [ ص: 225 ] الجنة فرأيت الميت على فراشه أمامهم ، ورأيت الذي استشهد أخيرا يليه ، ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم قال : فدخلني من ذلك ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : وما أنكرت من ذلك ؟ ليس أحد أفضل عند الله من مومن يعمر في الإسلام لتسبيحه ، وتكبيره ، وتهليله .

وأما رواية أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن طلحة لهذا الحديث ، فحدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا محمد بن عمرو ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : جاء رجلان من بلي من قضاعة ، فأسلما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستشهد أحدهما ، وأخر الآخر بعد سنة ، قال : طلحة بن عبيد الله فرأيت كأني أدخلت الجنة فرأيت المؤخر منهما دخل قبل الشهيد ، فعجبت من ذلك فأصبحت فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أليس صام بعده رمضان ، وصلى بعده كذا وكذا ركعة صلاة السنة ؟

وروى هذا المعنى عبيد بن خالد رجل من الصحابة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حدثناه قاسم بن محمد قراءة مني عليه أن خالد بن سعد حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن فطيس قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن ربيعة ، عن عبيد بن خالد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين رجلين ، فقتل أحدهما في سبيل الله ، ثم توفي الآخر [ ص: 226 ] بعده فصلوا عليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما قلتم عليه ؟ قالوا : دعونا الله أن يغفر له ، ويرحمه ويلحقه بصاحبه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : فأين صلاته بعد صلاته ؟ وصيامه بعد صيامه ؟ وعمله بعد عمله ؟ لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن كثير قال : أخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن ربيعة ، عن عبيد بن خالد السلمي قال : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين فقتل أحدهما ، ومات الآخر بعده بجمعة ونحوها ، فصلينا عليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما قلتم له ؟ قالوا : دعونا له ، وقلنا : اللهم اغفر له وألحقه بصاحبه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : فأين صلاته بعد صلاته ؟ أو صومه بعد صومه ؟ - شك شعبة في صومه - وعمله بعد عمله ؟ إن بينهما كما بين السماء والأرض .

قال أبو عمر :

يفسر هذا المعنى ، ويوضحه قوله - صلى الله عليه وسلم : خير الناس من طال عمره وحسن عمله .

وأخبرنا عبد الله ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا علي بن المديني قال : حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : [ ص: 227 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخياركم ؟ قال : بلى ، قال : أطولكم أعمارا ، وأحسنكم أعمالا .

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - مثل الصلوات الخمس فحدثنا إبراهيم بن شاكر قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن أيوب قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار قال : حدثنا العباس بن جعفر ، ومحمد بن عبد الرحيم ، وإبراهيم بن زياد قالوا : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري ، عن عمه ابن شهاب ، عن صالح بن عبد الله بن أبي فروة أن عامر بن سعيد بن أبي وقاص ، أخبره عن أبان بن عثمان ، عن عثمان أنه أخبره أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أرأيت لو أن لأحدكم نهرا جاريا ما بين منزله ومعتمله ، ويغتمس فيه كل يوم خمس مرات ، هل كان يبقي من درنه شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : فكذلك الصلوات الخمس .

قال البزار : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه عن عثمان ، وقد روي عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث أرفع حديث في هذا الباب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال أبو عمر :

وقد حدثناه خلف بن القاسم قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الفضل البغدادي ، يعرف بابن المارستاني قال : حدثنا محمد بن العباس بن الفضل بن يونس الموصلي قال : حدثنا أبو جعفر بن أحمد [ ص: 228 ] بن المثنى ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم قال : حدثنا ابن أخي ابن شهاب محمد بن عبد الله ، عن عمه محمد بن مسلم قال : أخبرني صالح بن عبد الله بن أبي فروة ، أن عامر بن سعد بن أبي وقاص حدثه أنه سمع أبان بن عثمان يقول : قال عثمان : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أرأيت لو كان بفناء أحدكم نهر يجري يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، ماذا كان مبقيا من درنه ؟ قالوا : لا شيء ، قال : فكذلك الصلوات الخمس ، يذهبن الذنوب كما يذهب الماء الدرن .

وأما حديث عثمان في هذا ، فحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أبو قلابة قال : حدثنا يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : مثل الصلوات الخمس مثل رجل ببابه نهر جار ، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، فماذا يبقي من درنه ؟

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن عبيد ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم ، يغتسل منه كل يوم خمس مرات .

[ ص: 229 ] قال أبو عمر :

اختلف عن الأعمش في هذا الحديث ، فمن أهل العلم من لا يحتج بحديثه هذا من أجل أبي سفيان طلحة بن نافع ، فهو ضعيف ، ومنهم من يجعلهما إسنادين ، وأصح إسناد في هذا - إن شاء الله - ما حدثناه عبد الله بن محمد بن أسد قال : حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا البخاري قال : حدثنا إبراهيم بن حمزة قال : حدثنا ابن أبي حازم ، عن يزيد يعني ابن عبد الله بن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا ، ما تقول ذلك يبقي من درنه ؟ قال : لا يبقي من درنه شيئا ، قال : فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا .

وبلغني أن أبا زرعة الرازي قال : خطر ببالي تقصير الناس ، وتقصيري في الأعمال من النوافل ، والحج ، والصيام والجهاد ، فكبر ذلك في قلبي ، فرأيت ليلة فيما يرى النائم كأن آتيا أتاني فضرب بيده بين كتفي ، وقال قد أكثرت في العبادة ، وأي عبادة أفضل من الصلوات الخمس في جماعة .

[ ص: 230 ] قال أبو عمر :

لا مدخل للقول في هذا الباب ، إذ المعنى فيه واضح لا اختلاف فيه ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية