التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 326 ] حديث حاد وثلاثون من البلاغات

مالك ، أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من داع يدعو إلى هدى ، إلا كان له مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، وما من داع يدعو إلى ضلالة ، إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا .


وهذا الحديث يستند ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق شتى ، من حديث أبي هريرة ، وحديث جرير ، وحديث عمرو بن عوف ، وحذيفة وغيرهم .

حدثنا يونس بن عبد الله قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا جعفر بن محمد الفرياني قال : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون [ ص: 327 ] قال : حدثنا سفيان بن حسين ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من سن سنة هدى فاتبع عليها ، كان له أجره ، أو مثل أجر من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئا ، ومن سن سنة ضلالة فاتبع عليها كان عليه ، وزرها ، ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئا .

قال أبو عمر :

اختلف في سماع الحسن من أبي هريرة ، فأكثرهم لا يصححونه ; لأنه يدخل أحيانا بينه ، وبين أبي هريرة أبا رافع وغيره ، ومنهم من يصحح سماعه من أبي هريرة .

وقد روي عن الحسن أنه قال : حدثنا أبو هريرة ، ونحن إذ ذاك بالمدينة ، وقد سمع الحسن من عثمان ، وسعد بن أبي وقاص فغير نكير أن يسمع من أبي هريرة .

حدثنا قاسم بن محمد ، حدثنا خالد بن سعد ، حدثنا محمد بن فطيس ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن المنذر بن جرير ، عن أبيه جرير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه ، وزرها [ ص: 328 ] ووزر من عمل بها من بعده ، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا في حديث طويل ذكره .

حدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا أحمد بن سعيد ، حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ، حدثنا علي بن زيد الفرائضي الحنيني ، عن كثير بن عبد الله يعني ابن عمرو بن عوف ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي ، كان له أجر من عمل بها ، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، عن محمد بن قيس ، عن مسلم بن صبيح قال : سمعت جرير بن عبد الله - وهو يخطب - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، فعليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا .

أخبرنا عبيد بن محمد بن عبيد ، حدثنا عبد الله بن مقرور ، حدثنا عيسى بن مسكين قال : حدثنا ابن سنجر ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا كثير المزني ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي ، فإن له من الأجر مثل أجر من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من أجورهم [ ص: 329 ] ومن ابتدع بدعة لا يرضاها الله ، ورسوله ، فإن عليه مثل إثم من عمل بها من الناس لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئا .

وحدثنا عبيد ، حدثنا عبد الله ، حدثنا عيسى ، حدثنا ابن سنجر قال : حدثنا الحميدي قال : حدثنا مروان بن معاوية قال : حدثنا كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال بن الحارث المزني : اعلم أنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت ، فذكر مثله إلى آخره .

قال أبو عمر :

حديث هذا الباب أبلغ شيء في فضائل تعليم العلم اليوم والدعاء إليه ، وإلى جميع سبل البر والخير ; لأن الميت منها كثير جدا ، ومثل هذا الحديث في المعنى ، قوله - صلى الله عليه وسلم : ينقطع عمل المرء بعده إلا من ثلاث : علم علمه فعمل به بعده ، وصدقة موقوفة يجري عليه أجرها ، وولد صالح يدعو له .

وقد جمعنا - والحمد لله - من فضائل العلم وأهله في صدر كتاب جامع بيان العلم وفضله ، وما ينبغي في روايته ، وحمله ، ما فيه شفاء ، واستغناء ، والحمد لله ، وعلى قدر فضل معلم الخير وأجره يكون ، وزر من علم الشر ، ودعا إلى الضلال ; لأنه يكون عليه وزر من تعلمه منه ، ودعا إليه ، وعمل به ، عصمنا الله برحمته .

وحدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى المقرئ قال : حدثنا عبيد الله بن حبابة البزار البغدادي ببغداد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد [ ص: 330 ] العزيز البغوي قال : حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عون بن أبي جحيفة قال : سمعت المنذر بن جرير يحدث عن أبيه ، قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر النهار ، فجاءه قوم حفاة عراة ، مجتابي النمار ، عليهم العباء والصوف ، عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر ، قال : فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتغير لما رأى بهم من الفاقة ، فذكر الحديث بطوله ، وفي آخره ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من سن في الإسلام سنة حسنة ، فعمل بها من بعده كان له أجرها ، ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، فعمل بها من بعده ، كان عليه وزرها ، ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من وزرهم شيئا .

حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن مسدد بن يعقوب ، حدثني أبي عبد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم الجزري ، عن زياد بن أبي مريم ، عن عبد الله بن مسعود في قول الله - عز وجل - : ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) قال : ما قدمت من سنة صالحة يعمل بها من بعده ، فله أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، وما أخرت من سنة سيئة يعمل بها بعده ، فإن عليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية