التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 352 ] حديث ثامن وثلاثون من البلاغات

مالك ، أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ، وضع رجله في الغرز ، وهو يريد السفر يقول : بسم الله اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم ازو لنا الأرض ، وهون علينا السفر ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، ومن كآبة المنقلب ، ومن سوء المنظر في المال والأهل .


أما قوله : ازو لنا الأرض ، فمعناه : اطو لنا الطريق ، وقربه ، وسهله ، وأصل الانزواء : الانضمام ، ووعثاء السفر : شدته وخشونته ، والكآبة : الحزن ، والمعنى في قوله : وكآبة المنقلب : أن لا ينقلب الرجل ، وينصرف من سفره إلى أمر يحزنه ، ويكتئب منه ، وأما سوء المنظر في الأهل والمال ، فكل ما يسوؤك النظر إليه ، وسماعه في أهلك ومالك .

وأما الغرز فموضع الركاب ، ولا يكون الغرز إلا في الرحال بمنزلة الركوب للسروج ، وهذا يستند من وجوه صحاح من حديث عبد الله بن سرجس ، ومن حديث أبي هريرة ، وحديث ابن عمر ، وغيرهم .

حدثنا خلف بن قاسم قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال : حدثنا أحمد بن حماد بن مسلم بن زغبة قال : حدثنا [ ص: 353 ] سعيد بن أبي مريم ، ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم ، عن عبد الله بن سرجس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر قال : اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة على الأهل اللهم اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، ومن الحور بعد الكون ، ومن دعوة المظلوم ، وسوء المنظر في الأهل والمال .

حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا عبد الله بن جعفر قال : حدثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم ، عن عبد الله بن سرجس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث مثله سواء ، وزاد : وسئل عاصم ، عن الحور بعد الكون ، قال : صار بعد ما كان .

قال أبو عمر :

يعني رجع عما كان عليه من الخير ، ومن رواه الحور بعد الكور ، فمعناه أيضا مثل ذلك ، أي رجع عن الاستقامة ، وذلك مأخوذ عندهم من كور العمامة ، وأكثر الرواة إنما يروونه بالنون .

وكذلك رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عاصم ، عن عبد الله بن سرجس في هذا الحديث .

حدثنا أحمد بن فتح بن عبد الله قال : حدثنا حمزة بن محمد الحافظ ، ومحمد بن عبد الله بن زكرياء قالا : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا زكرياء بن يحيى قال : حدثنا جرير ، عن مطرف عن أبي [ ص: 354 ] إسحاق عن البراء قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى سفر ، قال : اللهم بلاغا يبلغ خيرا ، ومغفرة ، ورضوانا بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم هون علينا السفر ، واطو لنا الأرض ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال : حدثنا محبوب بن موسى ، أخبرنا الفزاري ، عن عاصم ، عن عبد الله بن سرجس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يقول : اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، والحور بعد الكون ، ودعوة المظلوم ، وسوء المنظر في الأهل ، والمال .

حدثني عبد الرحمن بن يحيى ، وأحمد بن فتح قالا : حدثنا حمزة بن محمد بن علي قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل البغدادي ، حدثنا ابن أبي صفوان ، حدثنا ابن أبي عدي ، حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن بشر الخثعمي ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يركب راحلته قال : بأصبعه - هكذا - وقال : اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال ، اللهم اصحبنا بنصح ، واقلبنا بذمة ، اللهم ازو لنا الأرض ، وهون علينا السفر ، أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب .

[ ص: 355 ] وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن الجهم السمري ، حدثنا جعفر بن عون ، أخبرنا أسامة بن زيد ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أريد سفرا ، قال : أوصيك بتقوى الله ، والتكبير على كل شرف ، قال : فلما ولى الرجل ، قال : اللهم ازو له الأرض ، وهون عليه السفر .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير أن عليا الأزدي أخبره أن ابن عمر علمه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجا في سفر كبر ثلاثا ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل ، والمال ، وإذا رجع قالهن ، وزاد فيهن آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، أخبرنا الحسن بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي قال : حدثنا أحمد بن علي البربهاري قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن علي بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فإذا استوى على راحلته ، وانبعثت به ، [ ص: 356 ] قال : الله أكبر ، الله أكبر ، ثم يقول : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا السفر ، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل ، والمال ، ( تائبون ) آيبون عابدون لربنا حامدون .

وقد روي هذا من حديث سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير أن عليا الأزدي أخبره أن ابن عمر علمه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى السفر كبر ثلاثا ، ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا ، اللهم اطو لنا البعد ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال .

وإذا رجع قالهن ، وزاد آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون
.

حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا محمد بن [ ص: 357 ] عجلان قال : أخبرني سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر قال : اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال ، اللهم اطو لنا الأرض ، وهون علينا السفر .

وروينا من وجوه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من خرج من بيته يريد سفرا ، ومخرجا فقال حين يخرج بسم الله آمنت بالله توكلت على الله ، واعتصمت بالله ، وفوضت أمري إلى الله لا حول ولا قوة إلا بالله ، رزق خير ذلك المخرج ، وصرف عنه شره . حدثنا سعيد بن عثمان ، حدثنا أحمد بن دحيم ، حدثنا أحمد بن داود بن سليمان ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب قال : أخبرني إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي ، أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث ، عن عبد الله بن عمرو قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا ، أو سافر فأدركه الليل قال : يا أرض ، ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك ، وشر ما فيك ، وشر ما دب عليك ، أعوذ بالله من شر كل أسد ، وأسود ، وحية ، وعقرب ، ومن ساكن البلد ، ومن شر والد وما ولد .

أخبرنا خلف بن قاسم قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلي أبو إسحاق بمكة في المسجد الحرام ، قال : حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا شيبان قال : حدثنا عمارة بن زاذان الصيدلاني ، [ ص: 358 ] قال : حدثنا زياد النميري ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا علا شرفا من الأرض قال : اللهم لك الشرف على كل شرف ، ولك الحمد على كل حال .

التالي السابق


الخدمات العلمية