التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 406 ] حديث حاد وخمسون من البلاغات

مالك أنه بلغه أن رجلا من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة فهلكا ، فورث ابنهما المال ، وهو نخل ، فسأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد أجرت في صدقتك ، وخذها بميراثك .


وهذا الحديث في رجوع الصدقة بالميراث ، روي من وجوه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسنها حديث بريدة الأسلمي ، وقد تكلمنا على معنى رجوع الصدقة إلى المتصدق بالميراث ، والشراء ، وبالهبة ، ونحو ذلك ، وذكرنا مذاهب العلماء في ذلك ، عند ذكر قصة لحم بريرة في باب ربيعة من هذا الكتاب ، فلا وجه لتكرير ذلك هاهنا .

أخبرنا عبد الله بن محمد ( بن عبد المومن ) ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا عبد الله بن عطاء ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : كنت تصدقت على أمي بوليدة ، وإنها ماتت ، وتركت ( تلك ) الوليدة ، قال : وجب أجرك ، ورجعت إليك بالميراث .

[ ص: 407 ] قال أبو عمر :

على القول بجواز رجوع الصدقة إلى الوارث بالميراث جمهور العلماء على ما في هذا الخبر ، إلا فرقة شذت ، وكرهت ذلك ، وفرقة استحبت للوارث أن يتصدق بها .

لا معنى للاشتغال بحكاية قولها مع مخالفة السنة لها ، وما توفيقي إلا بالله .

وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد فيه لين ، ولكنه احتمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية