التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
126 [ ص: 260 ] حديث رابع وأربعون لزيد بن أسلم - مرسل

مالك ، عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما يحل لي من امرأتي ، وهي حائض فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لتشد عليها إزارها ، ثم شأنك بأعلاها .


قال أبو عمر :

لا أعلم أحدا روى هذا الحديث مسندا بهذا اللفظ أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا . ومعناه صحيح ثابت ، وقد ذكرنا الآثار في ذاك مستوعبة في [ ص: 261 ] باب ربيعة . وفي هذا الحديث تفسير لقول الله - عز وجل - فاعتزلوا النساء في المحيض وقد ذكرنا اختلاف العلماء في مباشرة الحائض ، ومتى توطأ بعد طهرها قبل غسلها ، أو بعده ، وسائر أحكامها في ذلك في حديث ربيعة من كتابنا هذا ، فلا معنى لإعادته ههنا .

حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد ، قال : حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب النسوي ، قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم : لم يواكلوهن ، ولم يشاربوهن ، ولم يجامعوهن في البيوت ، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يواكلوهن ، ويباشروهن ، ويجامعوهن في البيوت ، وأن يصنعوا بهن كل شيء ما خلا النكاح ، فقالت : اليهود ما يدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه فقام أسيد بن حضير ، وعباد بن بشر فأخبرا رسول الله - صلى الله عليه [ ص: 262 ] وسلم - وقالا : ألا نجامعوهن في المحيض ؟ فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمعرا شديدا حتى ظننا أنه قد غضب عليهما فقاما فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية لبن ، فبعث في آثارهما فردهما فسقاهما فعرفنا أنه لم يغضب عليهما .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن الشيباني ، عن عبد الله بن شداد ، عن خالته ميمونة بنت الحارث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه ، وهي حائض أمرها أن تتزر ، ثم يباشرها ، وهي حائض .

قال أبو عمر :

هذا الحديث إذا رتب مع الذي قبله دلا على أن شد الإزار على الحائض معناه لقطع الذريعة ، والاحتياط ، - والله أعلم - .

وقد أوضحنا هذا المعنى في باب ربيعة ، والحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية