التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
502 [ ص: 343 ] حديث أحد وخمسون لزيد بن أسلم .

مالك ، أنه سمع زيد بن أسلم يقول : ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث : إما أن يستجاب له ، وإما أن يدخر له ، وإما أن يكفر عنه .


قال أبو عمر :

ذكرنا هذا الخبر في كتابنا هذا ، وإن كان في رواية مالك من قول زيد بن أسلم لأنه خبر محفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن مثله يستحيل أن يكون رأيا واجتهادا ، وإنما هو توقيف ، ومثله لا يقال بالرأي .

حدثنا أحمد بن قاسم بن عيسى ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة ببغداد . وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، قالا : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا شيبان ، قال : أخبرنا علي بن علي الرفاعي ، عن أبي [ ص: 344 ] المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم ، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يؤخرها له في الآخرة ، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر .

وحدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن علي بن علي ، قال : سمعت أبا المتوكل الناجي قال : قال أبو سعيد الخدري : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، فذكره حرفا بحرف إلى آخره إلا أنه قال : يكفر عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذا نكثر يا رسول الله ، قال : الله أكثر . وحدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا علي بن علي بن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن دعوة [ ص: 345 ] المسلم لا ترد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، إما أن تعجل له في الدنيا ، وإما أن تدخر له في الآخرة ، وإما أن يصرف عنه من السوء بقدر ما دعا .

حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد ، قال : حدثنا أبو محمد إسماعيل بن محمد بن محفوظ الدمشقي بالرملة ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن بشر ، قال : حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثنا سعد بن الصلت ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : دعاء المسلم بين إحدى ثلاث : إما أن يعطى مسألته التي سأل ، أو يرفع بها درجة ، أو يحط بها عنه خطيئة ما لم يدع بقطيعة رحم ، أو مأثم ، أو يستعجل .

قال أبو عمر :

هذا الحديث يخرج في التفسير المسند لقول الله - عز وجل - ادعوني أستجب لكم فهذا كله من الاستجابة ، وقد قالوا : كرم الله لا تنقضي حكمته ، ولذلك لا تقع الإجابة في كل دعوة ، قال الله - عز وجل - : ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن .

[ ص: 346 ] وفي الحديث المأثور : إن الله ليبتلي العبد ، وهو يحبه ليسمع تضرعه ، وقال الأوزاعي : يقال : أفضل الدعاء الإلحاح على الله ، والتضرع إليه ، وعن أبي هريرة ، وغيره : إن الله لا يقبل ، أو لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ، وقال سفيان : قال محمد بن المنكدر : قال لي عمر بن عبد العزيز : عليك دين ؟ قلت : نعم ، قال : ففتح لك فيه في الدعاء ؟ قلت : نعم ، قال : لقد بارك الله لك في هذا الدين . وروى أبو هريرة ، وأنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إذا دعا أحدكم فليعزم ، وليعظم الرغبة ، ولا يقل إن شئت فإن الله لا مكره له ، ولا يتعاظمه شيء ، ولا يزال العبد يستجاب له ما لم يستعجل . وقد ذكرنا هذا المعنى بزيادة في معنى الدعاء في باب ابن شهاب ، عن أبي عبيد ، والحمد لله .

[ ص: 347 ] حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جرير ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني أبو صخر أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : ما من عبد يدعو الله بدعوة فتذهب حتى يعجل له في الدنيا ، أو يدخرها له في الآخرة إذا هو لم يعجل ، أو يقنط . قال عروة : فقلت : يا أمتاه ، وكيف عجلته وقنوطه ؟ قالت : يقول : قد سألت فلم أعط ، ودعوت فلم أجب ، قال ابن قسيط : وسمعت سعيد بن المسيب يقول : ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب برجاء حتى يعجلها له في الدنيا ، أو يدخرها له في الآخرة .

وحدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن الفضل ، حدثنا محمد بن جرير ، حدثنا محمد بن العلاء [ ص: 348 ] حدثنا مروان بن معاوية ، عن عمر بن حمزة ، عن محمد بن كعب القرظي يرفعه ، قال : من دعا دعوة أخطأت باطلا أو حراما أعطي إحدى ثلاث : كفرت عنه خطيئته ، أو كتبت له حسنة ، أو أعطي الذي سأل .

التالي السابق


الخدمات العلمية