التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
498 مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ( وحده لا شريك له ) .




ذكر مالك هذا الحديث في موضعين من موطئه أحدهما آخر كتاب الصلاة ذكره فيه كما ذكرناه هاهنا عنه .

وذكره [ ص: 39 ] في كتاب الحج فنسبه ، قال مالك : عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي وذكر الحديث .

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز فقال : ثقة .

قال أبو عمر :

لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث كما رأيت ، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندا من وجه يحتج بمثله ، وقد جاء مسندا من حديث علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص .

فأما حديث علي فإنه يدور على دينار أبي عمرو عن ابن الحنفية وليس دينار ممن يحتج به .

وحديث عبد الله بن عمرو من حديث عمرو بن شعيب وليس دون عمرو من يحتج به فيه ( وأحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به ) .

[ ص: 40 ] حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عبد الله بن يونس قال : حدثنا بقي بن مخلد قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن نضر بن عربي عن ابن أبي حسين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير .

قال أبو بكر : وحدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن أخيه ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، اللهم اشرح لي صدري ، ويسر لي أمري ، أعوذ بك من وسواس الصدر ، وفتنة القبر ، وشتات الأمر ، وأعوذ بك من شر ما يأتي في الليل ، والنهار [ ص: 41 ] وما تهب به الرياح .

ومرسل مالك أثبت من تلك المسانيد ، والله أعلم .

وقد روي معناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق شتى ، وسنذكر منها ما حضرنا إن شاء الله تعالى .

وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره ، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره ، وفي فضل يوم عرفة دليل أن للأيام بعضها فضلا على بعض , إلا أن ذلك لا يدرك إلا بالتوقيف ، والذي أدركنا من ذلك بالتوقيف الصحيح فضل يوم الجمعة ، ويوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، وجاء في يوم الاثنين ، ويوم الخميس ما جاء ، وليس شيء من هذا يدرك بقياس ، ولا فيه للنظر مدخل .

وفي الحديث أيضا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب ، وفيه أيضا أن أفضل الذكر لا إله إلا الله .

[ ص: 42 ] وقد اختلف العلماء في أفضل الذكر فقال منهم قوم : أفضل الكلام لا إله إلا الله ، واحتجوا بهذا الحديث ، وإنها كلمة الإسلام ، وكلمة التقوى .

وقال آخرون : أفضل الذكر الحمد لله رب العالمين , ففيه معنى الشكر والثناء ، وفيه من الإخلاص ما في لا إله إلا الله ، وأنه افتتح الله به كلامه وختم به ، وهو آخر دعوى أهل الجنة .

ولكل واحد من القولين وجه ، وآثار تدل على ما ذهب إليه من قال به ، نذكر منها ما حضرنا مما فيه كفاية ، إن شاء الله :

حدثنا محمد بن إبراهيم قال : أخبرنا محمد بن معاوية قال : أخبرنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري المدني قال : سمعت طلحة بن خراش يقول : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 43 ] يقول : أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله .

قال أبو عمر :

ربما وقفه على جابر وقد روي من غير هذا الوجه عن جابر مرفوعا أيضا : أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الشكر الحمد لله .

وفي حديث جابر هذا مع حديث مالك حجة لمن ذهب إلى أن أفضل الذكر لا إله إلا الله .

وأما قوله في حديث جابر أفضل الدعاء الحمد لله فإن الذكر كله دعاء عند العلماء ، ومما يبين ذلك ما حدثنا به عبد الله بن محمد بن يوسف وأحمد بن عمر بن عبد الله قالا : حدثنا عبد الله بن محمد بن علي حدثنا محمد بن فطيس حدثنا علي بن إسماعيل بن زريق أبو زيد الموصلي قال : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال : سألت ابن عيينة يوما ما كان أكثر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 44 ] بعرفة ، قال : لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولله الحمد .

ثم قال سفيان : إنما هو ذكر ، وليس فيه دعاء ، ثم قال : أما علمت قوله الله - عز وجل - حيث يقول : ( إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ) . قال : قلت : نعم حدثتني أنت يا أبا محمد عن منصور عن مالك بن الحارث .

( وحدثني عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن منصور عن مالك بن الحارث ) قال : هذا تفسيره ، ثم قال : أما علمت قول أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب نائله وفضله ؟ قلت : لا ، قال : قال : أمية حين أتى ابن جدعان :


أأطلب حاجتي أم قد كفاني حياؤك , إن شيمتك الحياء     إذا أثنى عليك المرء يوما
كفاه من تعرضك الثناء



قال سفيان - رحمه الله - هذا مخلوق حين ينسب إلى أن يكتفي بالثناء عليه دون مسألته فكيف بالخالق ، تبارك وتعالى ؟ [ ص: 45 ] قال الحسين : لما سألت سفيان - رحمه الله - عن هذا فكأني إنما سألته عن آية من كتاب الله ، وذلك أنني لم أدع كبير أحد بالعراق إلا وقد سألته عنه ، فما فسره لي كما فسره ابن عيينة رحمه الله .

قال أبو عمر :

هي أبيات كثيرة قد أنشدها المبرد وحبيب فذكر بعد البيتين اللذين في الخبر المذكور :


وعلمك بالحقوق ، وأنت فرع     لك الحسب المهذب والسناء
كريم ما يغيره صباح     عن الخلق الجميل ، ولا مساء
يباري الريح مكرمة وجودا     إذا ما الكلب أجحره الشياء
وأرضك كل مكرمة بناها     بنو تيم ، وأنت لها سماء


وحديث مالك بن الحارث قوله هذا قد روي مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه صفوان بن أبي الصهباء عن بكير بن عتيق عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبي ، عن عمر بن الخطاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : [ ص: 46 ] يقول : الله - عز وجل - ( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ) ليس يجيء هذا الحديث فيما علمت مرفوعا إلا بهذا الإسناد وصفوان بن أبي الصهباء وبكير بن عتيق رجلان صالحان .

وحدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا الحسن بن رشيق حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا ابن أبي عمر العدني حدثنا سفيان بن عيينة قال : قال لي عبد العزيز بن عمر : كنت أتمنى أن ألقى الزهري فرأيته في النوم بعد موته عند الحدادين فقلت : يا أبا بكر هل من دعوة ، قال : نعم لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، توكلت على الحي الذي [ ص: 47 ] لا يموت ، اللهم إني أسألك أن تعيذني وذريتي من الشيطان الرجيم .

قال أبو عمر :

فهذا كله يدل على أن الثناء دعاء ، ويفسر معنى حديث هذا الباب ، والله الموفق للصواب .

قال أبو عمر :

من فضل " الحمد لله " فحجته ما أخبرناه عبد الله بن محمد بن أسد قال : حدثنا حمزة بن محمد قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا عمرو بن علي قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن ضرار بن مرة عن أبي صالح الحنفي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله اصطفى من الكلام أربعا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فمن قال : سبحان الله ، كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ، ومن قال : الحمد لله ، فذلك ثناء الله - وثناؤه : لا إله إلا الله - فمثل ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين ، من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة .

[ ص: 48 ] وحدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا حمزة بن محمد قال : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه ، عن السلولي عن كعب قال : اختار الله - عز وجل - الكلام ، فأحب الكلام إلى الله - عز وجل - لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله فمن قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص كتب الله له بها عشرين حسنة ، وكفر عنه عشرين سيئة ، ومن قال الله أكبر فذلك جلال الله كتب الله له بها عشرين حسنة ، وكفر عنه عشرين سيئة ، ومن قال سبحان الله كتب له بها عشرون حسنة ، وكفر عنه عشرون سيئة ، ومن قال الحمد لله فذلك ثناء الله وثناؤه الحمد لله كتب له بها ثلاثين حسنة ، وكفر عنه ثلاثين سيئة .

قال حمزة : يشبه أن يكون السلولي عبد الله بن ضمرة .

قال أبو عمر :

من قال : إن هذه الأربع سواء احتج بما رواه حمزة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير الكلام أربع [ ص: 49 ] لا تبالي بأيهن بدأت : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .

وخالفه ابن فضيل فرواه عن الأعمش عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس فيه حجة واضحة ، وما تقدم في " الحمد لله " واضح ، وقد جاء عن ابن عباس تفضيل سبحان الله على " الحمد لله " ، وتقديم " لا إله إلا الله " على الذكر كله .

وذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه ، قال : حدثنا عبد الله بن مطيع قال : حدثنا هشيم عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : كتب صاحب الروم إلى معاوية يسأله عن أفضل الكلام ما هو ؟ والثاني والثالث والرابع ؟ وكتب إليه يسأله عن أكرم الخلق على الله ؟ وأكرم الإماء على الله ؟ وعن أربعة من الخلق لم يركضوا في رحم ؟ ويسأله عن قبر سار بصاحبه ، وعن المجرة ، وعن القوس ، وعن مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع قبل ذلك ولا بعده . فلما قرأ معاوية الكتاب ، قال : أخزاه الله ، وما علمي بما هاهنا . فقيل له : اكتب إلى ابن عباس فسله ، فكتب إليه ابن عباس ( إن ) أفضل الكلام [ ص: 50 ] لا إله إلا الله كلمة الإخلاص لا يقبل عمل إلا بها ، والتي تليها سبحان الله وبحمده أحب الكلام إلى الله ، والتي تليها الحمد لله كلمة الشكر , والتي تليها الله أكبر فاتحة الصلوات والركوع والسجود ، وأكرم الخلق على الله آدم عليه السلام ، وأكرم الإماء على الله مريم ، وأما الأربعة التي لم يركضوا في رحم فآدم ، وحواء ، والكبش الذي فدي به إسماعيل ، وعصا موسى حيث ألقاها فصارت ثعبانا مبينا ، وأما القبر الذي سار بصاحبه فالحوت حين التقم يونس ، وأما المجرة فباب السماء ، وأما القوس فإنها أمان لأهل الأرض من الغرق بعد قوم نوح ، وأما المكان الذي طلعت فيه الشمس ، ولم تطلع قبله ولا بعده فالمكان الذي انفرج من البحر لبني إسرائيل .

فلما قدم عليه الكتاب أرسل به إلى صاحب الروم فقال : لقد علمت أن معاوية لم يكن له بهذا علم ، وما أصاب هذا إلا رجل من أهل بيت النبوة .

ومن الحجة لقول ابن عباس في تفضيل سبحان الله ما حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ [ ص: 51 ] قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن أبي بكر عن شعبة عن الجريري عن أبي عبد الله الحميدي عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال : ( لي ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : أحب الكلام إلى الله سبحان الله ، وبحمده .

ومن قال لا إله إلا الله أفضل الكلام ، فمن حجته حديث جابر الذي قدمنا ذكره ، وحديث مالك المذكور في هذا الباب ، وما حدثنا أحمد بن فتح وعبد الرحمن بن يحيى قالا : أخبرنا حمزة بن محمد بن علي الحافظ قال : أخبرنا عمران بن موسى بن حميد الطبيب قال : حدثنا عمرو بن خالد قال : حدثنا عيسى بن يونس عن سفيان الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لا إله إلا الله أنجته يوما من الدهر , أصاب قبلها ما أصابه ) .

[ ص: 52 ] وحدثني خلف بن القاسم الحافظ قال : حدثنا أحمد بن أسامة قال : حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين قال : حدثنا عمرو بن خالد إملاء ، قال : حدثنا عيسى بن يونس عن سفيان الثوري فذكر بإسناده مثله .

وذكر أبو الحسن علي بن محمد الأزرق في كتابه في الصحابة ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الكوفي قال : حدثنا عباد بن أحمد العزرمي قال : حدثني عمي ، عن أبيه ، عن أبي المجالد عن زيد بن وهب عن أبي المنذر الجهني قال : قلت : يا رسول الله ، ما أفضل الكلام ؟ قال : يا أبا المنذر قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، مائة مرة في يوم فإنك إذا قلت ذلك في يوم فأنت أفضل الناس عملا إلا من قال مثل مقالتك ، وأكثر من سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا تنس الاستغفار في صلاتك فإنها ممحاة للخطايا ، رحمة من الله .

وحدثني عبد الرحمن بن يحيى وأحمد بن فتح قالا : حدثنا حمزة بن محمد قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان بن سعيد بن سالم الصدفي قال : حدثنا [ ص: 53 ] يحيى بن يزيد أبو شريك قال : حدثنا ضمضام بن إسماعيل عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها ، ولقنوها موتاكم .

حدثني قاسم بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن سعد ، قال : حدثنا محمد بن فطيس ، قال : حدثنا عبد الله بن نعمة البصري ، قال : كتب إلي أحمد بن محمد بن مالك بن أنس يذكر : حدثني إسماعيل بن أبي أويس ، عن أبيه ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال : لا إله إلا الله أبدا ، غفر له أبدا .

وروى ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به ، وأدعوك به ، قال : يا موسى قل لا إله إلا الله ، قال موسى : يا رب كل عبادك يقول هذا ، قال : قل : لا إله إلا الله ، قال : لا إله إلا أنت ، إنما أريد شيئا تخصني به ، قال : يا موسى لو أن السماوات [ ص: 54 ] السبع وعامرهن غيري ، والأرضين السبع في كفة ، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله .

وروى يزيد بن بشير عن سليمان بن المغيرة عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قال كل يوم مائة مرة لا إله إلا الله الحق المبين كان له أمانا من الفقر ، وأنسا من وحشة القبر , واستجلب به الغنى ، واستقرع به باب الجنة .

وهذا حديث غريب من حديث مالك لا يصح عنه ، والله أعلم .

وقد حدثناه خلف بن قاسم حدثنا يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس وأبو الطيب محمد بن جعفر غندر قالا : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخزومي قال : حدثنا الفضل بن غانم عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله الحق المبين ، فذكره سواء .

ورواه محمد بن عثمان النشيطي قال : أخبرنا أبو الحجاج النضر بن محمد [ ص: 55 ] ( بصري ) ثقة ، من ولد زائدة بن قدامة عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله الحق المبين استقرع أبواب الجنة ، وأمن من وحشة القبر واستجلب بها الرزق ، وأمن من الفقر .

وهذا لا يرويه عن مالك من يوثق به ، ولا هو معروف من حديثه ، وهو حديث حسن ترجى بركته ، إن شاء الله تعالى .

حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد بن حمويه قراءة عليه ، قال : حدثنا الحسن بن رشيق قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن حفص بن عمر البصري قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال : حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى اليمن فقال : يا معاذ اتق الله , وخالق الناس بخلق حسن ، وإذا عملت سيئة فأتبعها حسنة ، قال : قلت : يا رسول الله ، لا إله إلا الله من الحسنات ؟ قال : هي أكبر الحسنات .

حدثني خلف بن القاسم قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال : حدثنا ابن رشدين قال : [ ص: 56 ] حدثني محمد بن يحيى بن إسماعيل الصدفي قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال : قال رجل للأوزاعي يا أبا عمرو أيهما أحب إليك لا إله إلا الله مائة مرة ، أو سبحان الله مائتي مرة ؟ قال : لا إله إلا الله .

وأخبرني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أسلم بن عبد العزيز قال : حدثني المزني عن الشافعي قال : أفضل الدعاء يوم عرفة .

حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن الفضل بن العباس قال : حدثنا محمد بن جرير بن يزيد قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان عن داود بن أبي هند عن محمد بن سيرين قال : كانوا يرجون في ذلك الموطن - يعني بعرفة - حتى للجنين في بطن أمه .

قال أبو عمر :

لمالك عن زياد بن أبي زياد هذا مما يدخل في حكم هذا الباب ، لأنه توقيف في الأغلب .

مالك عن زياد بن أبي زياد قال : قال أبو الدرداء : ألا أخبركم بخير أعمالكم ، وأرفعها في درجاتكم ، وأزكاها عند مليككم ، وخير لكم من إعطاء الذهب ، والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا [ ص: 57 ] أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ، قالوا : بلى ، قال : ذكر الله ، قال زياد بن أبي زياد : وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله ، وهذا يروى مسندا من طرق جيدة ، عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا محمد بن وضاح حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن طاوس عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله ، قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ، قال : ولا الجهاد في سبيل الله , إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ، ثم تضرب بسيفك حتى ينقطع ، ثم تضرب بسيفك حتى ينقطع .

[ ص: 58 ] حدثنا يحيى بن يوسف حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا الحسن بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن زياد مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ؟ فذكر الحديث في كما الموطإ سواء .

قال : وقال معاذ بن جبل : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب النار من ذكر الله .

وذكر ابن أبي شيبة قال : حدثنا يحيى بن واضح عن موسى بن عبيدة عن أبي عبد الله القراظ عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكر الله .

قال : وحدثنا وكيع عن مسعر عن علقمة بن مرثد عن ابن سابط عن معاذ بن جبل قال : لأن أذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس ، أحب إلي من أن أحمل على الجهاد في سبيل الله [ ص: 59 ] من غدوة إلى أن تطلع الشمس ، قال : وحدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن بشر بن عاصم عن عبد الله بن عمر قال : ذكر الله بالغداة والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله وإعطاء المال سحا

التالي السابق


الخدمات العلمية