التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
609 [ ص: 83 ] حديث ثالث لزياد بن سعد

مالك ، عن زياد بن سعد ، عن ابن شهاب أنه قال : لا يؤخذ في صدقة النخل الجعرور ، ولا مصران الفارة ، ولا عذق ابن حبيق .


قال : وهو يعد على صاحب المال ، ولا يؤخذ منه في الصدقة ، وهذا مروي عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا يرويه سفيان بن حسين وسليمان بن كثير ، عن ابن شهاب :

أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجعرور [ ص: 84 ] ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة . قال الزهري : لونين من تمر المدينة .

قال أبو داود : أسنده أيضا سليمان بن كثير ، عن الزهري ، حدثنا أبو الوليد عنه :

حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا سليمان بن كثير ، قال : حدثنا الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لونين من التمر : الجعرور ولون الحبيق ، قال : ونزلت ، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون .

قال : الأصمعي : الجعرور ضرب من الدقل رديء ، يحمل شيئا صغارا لا خير فيه .

قال : وعذق ابن حبيق ضرب من الدقل رديء ، والعذق : النخلة بفتح العين ، والعذق " بالكسر " الكباسة , كأن التمر سمي باسم النخلة إذ كان منها .

[ ص: 85 ] قال الأصمعي : وعذق ابن حبيق ، أو لون الحبيق نحو ذلك ، لأن الدقل يقال له الألوان ، واحدها لون ، والمعنى أن لا يؤخذ هذان الضربان من التمر في الصدقة لرداءتهما ، وكان الناس يخرجون شرار ثمارهم في الصدقة فنهوا عن ذلك ، وأنزل الله - عز وجل - ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون .

وأخبرنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، والحارث بن مسكين قراءة عليه ، وأنا أسمع ، عن ابن وهب ، قال : حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي أن ابن شهاب حدثه ، قال : حدثنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف في هذه الآية التي قال الله - عز وجل - : ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ، قال : هو الجعرور ، ولون حبيق ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذا في الصدقة .

وفي هذا الباب أيضا حديث عوف بن مالك ، حدثناه عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن عاصم ، وحدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، قالا : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد [ ص: 86 ] الحميد بن جعفر ، قال : حدثني صالح مولى ابن أبي عريب ، عن كثير بن مرة ، عن عوف بن مالك ، قال : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد وبيده عصا ، وقد علق رجل قنا حشفا ، فطعن بالعصا في ذلك التمر ، وقال : لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها , إن رب هذه الصدقة يأكل حشفا يوم القيامة .

وذكر وكيع ، عن يزيد بن إبراهيم عن الحسن ، قال : كان الرجل يتصدق برذالة ماله فنزلت هذه الآية ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون .

قال : وحدثنا عمران بن حدير ، عن الحسن في قوله ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه . قال لو وجدتموه يباع في السوق ما أخذتموه حتى يهضم لكم من الثمن .

[ ص: 87 ] وذكر الفريابي ، عن قيس بن الربيع ، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن معقل : قال : نزلت في قوم أخرجوا في زكاة أموالهم الحشف ، والدرهم الرديء ، قال : ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ، قال : ولو أن لك حقا على رجل لم تأخذ ذلك منه ، قال : وحدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : كانوا يتصدقون بالحشف فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتصدقوا بطيب ، قال : وفي ذلك نزلت ، ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ( الآية ) .

قال أبو عمر :

هذا باب مجتمع عليه لا اختلاف فيه أنه لا يؤخذ هذان اللونان من التمر في الصدقة إذا كان معهما غيرهما ، فإن لم يكن معهما غيرهما أخذ منهما ، وكذلك الرديء كله لا يؤخذ منه إذا كان معه غيره ، لأنه حينئذ تيمم للخبيث إذا أخرج عن غيره .

[ ص: 88 ] قال مالك : لا يأخذ المصدق الجعرور ، ولا مصران الفارة ، ولا عذق ابن حبيق ، ولا يأخذ البردى ، والبردى من أجود التمر . فأراد مالك أن لا يأخذ الرديء جدا ، ولا الجيد جدا ، ولكن يأخذ الوسط .

قال مالك : ومثل ذلك السخال ( من الغنم ) تعد مع الغنم على صاحبها ، ولا تؤخذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية