التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1031 حدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن المسور ، قال : حدثنا مطلب بن شعيب ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا الليث ، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن مالك بن أنس ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .


حدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن أيوب الرقي ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ، قال : حدثنا [ ص: 91 ] عمرو بن علي ( وعمر بن علي ) المقدمي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، ومالك بن أنس ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن قاسم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

وحدثنا خلف بن القاسم الحافظ ، قال : حدثنا الحسن بن أبي هلال ، قال : حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن مالك ، قال : حدثنا طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

وحدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا عبد الله بن جعفر [ ص: 92 ] حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا مالك ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فذكره سواء .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن مالك ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

وأخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، قال : أخبرنا يوسف بن أحمد أبو يعقوب الصيدلاني بمكة ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : أخبرنا مالك بن أنس ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

قال : العقيلي ، وحدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا عبيد [ ص: 93 ] الله بن عمر ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .

وحدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا ابن منيع ، قال : حدثنا خلف بن هشام البزار سنة ست وعشرين ومائتين ، قال : قيل لمالك بن أنس ، وأنا أسمع : حدثك طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه . ؟ فقال مالك : نعم .

وحدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : سمعت خلف بن هشام البزار يقول : قيل لمالك بن أنس ، وأنا أسمع : حدثك طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم ( بن محمد ) عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ؟ فقال مالك : نعم .

وحدثني محمد بن قاسم بن عيسى المقرئ ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا خلف بن هشام [ ص: 94 ] البزار ، قال : قيل لمالك بن أنس ، وأنا أسمع : حدثك طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ؟ فقال مالك : نعم .

حدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، قال : حدثنا الحسن بن الخضر الأسيوطي ، وحدثنا خلف بن القاسم ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عثمان بن أبي التمام ، وأحمد بن محمد بن موسى بن عيسى الحضرمي ، قالوا : حدثنا أحمد بن شعيب النسائي ، قال : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك ، عن طلحة بن عبد الملك ، عن القاسم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

قال أبو عمر :

زعم قوم أن هذا الحديث لم يروه عن القاسم بن محمد إلا طلحة بن عبد الملك هذا ، وقد وجدناه لمحمد بن أبان ، عن القاسم بن محمد مثله : حدثني سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبان بن يزيد [ ص: 95 ] قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن أبان ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من نذر أن يعصي الله فلا يعصه .

وحدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن أيوب بن حبيب ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ، قال : حدثنا هدبة بن خالد ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن أبان ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله سواء ، ليس فيه ذكر الطاعة .

ومحمد بن أبان هذا هو محمد بن أبان المزني اليمامي ليس هو محمد بن أبان بن صالح الكوفي ، ذاك ضعيف عندهم ، وقيل إن محمد بن أبان هذا لم يرو عنه إلا يحيى بن أبي كثير ، وهو مجهول ، وقال آخرون : هو مدني معروف روى عنه الأوزاعي أيضا وله عن القاسم وعروة وعون بن عبد الله رواية ، وهذا هو الصحيح [ ص: 96 ] وهو شيخ يمامي ثقة ، وحسبك برواية يحيى بن أبي كثير والأوزاعي عنه .

وفي هذا الحديث من الفقه ما يرد قول العراقيين فيمن نذر معصية أن عليه كفارة يمين مع تركها ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر في هذا الحديث بكفارة لمن نذر المعصية ، وإنما أمر بترك المعصية لا غير .

وأما حديث ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا نذر في معصية , وكفارته كفارة يمين . فحديث منكر عند جماعة أهل العلم بالحديث ، وإنما انفرد به عن الزهري سليمان بن أرقم ، وسليمان بن أرقم متروك الحديث عند جميعهم ، وكذلك أيضا حديث عمران بن حصين في ذلك لا يصح ، لأنه يدور على محمد بن الزبير الحنظلي ، وهو ضعيف , في حديثه مناكير لا يختلفون في ذلك [ ص: 97 ] وعلى ما ذكرت لك أن لا كفارة على من نذر معصية إلا تركها ، فقهاء الحجازيين منهم مالك والشافعي ومن تابعهم .

. وفي هذا الحديث من الفقه أن كل من جعل على نفسه نذرا أن يعصي الله كالجاعل عليه إن الله شفى مريضه ، أو رد غائبه ، أو نحو ذلك أن يشرب الخمر ، أو يقتل ، أو يزني ، أو يظلم أحدا , ونحو ذلك من المعاصي صغائرها وكبائرها , وكالقائل مبتدئا : لله علي أن أقتل فلانا ، أو أشهد عليه بزور ، أو أبغي عليه وأشفي غيظي بأذاه ، وما أشبه ذلك من قليل المعاصي وكثيرها - فلا يلزمه شيء في ذلك كله ، لأنه من خطوات الشيطان ، وعليه تركه فرضا واجبا ، ولا كفارة عليه غير ذلك بظاهر هذا الحديث ، لأنه لم يأمره فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفارة ، وكذلك من نذر ما ليس بطاعة فليس عليه الوفاء به عند مالك ، ولا كفارة عليه ، وقال مالك في تأويل هذا الحديث : إن حلف أن يمشي إلى الشام ، أو إلى مصر , وأشباه ذلك مما ليس فيه طاعة , فليس عليه في ذلك شيء ، لأنه ليس لله تعالى فيه طاعة . وأما قول مالك فيمن قال : أنا أحمل هذا العمود أو غيره [ ص: 98 ] إلى مكة طلب المشقة : فليحج غير حامل شيئا ويهدي - فقد أنكروا عليه إيجاب الهدي في هذا ومثله ، وقد مضى القول في هذه المسألة في باب ثور بن زيد ، والحمد لله .

وقد اختلف الصحابة والتابعون وسائر الفقهاء في مسائل من هذا الباب ؛ نحو قول الإنسان : علي نذر أن أنحر ابني عند مقام إبراهيم ، وما أشبه ذلك . واختلف أيضا فيه قول مالك ، والذي يوجبه ظاهر هذا الحديث أن لا شيء عليه ، وهو الصواب من القول في ذلك ، والله أعلم .

( وسنذكر اختلاف العلماء في هذا الباب وحجة كل فرقة منهم إن شاء الله في غير هذا الموضع ) .

وأما من نذر شيئا لله فيه طاعة فواجب عليه الإتيان به كالصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والعتق ، وما أشبه ذلك من طاعة الله ، وهذا ما لا خلاف بين علماء المسلمين فيه ، ويشد ذلك قول الله - عز وجل - : ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وتأويل ذلك : العقود التي لا معصية فيها ، لبيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك .

[ ص: 99 ] فمن قال : لله علي نذر إن لم أشرب الخمر ، ولم أقتل فلانا ، فإنما هو رجل نذر نذرا لم يجعل له مخرجا , إن سلمه الله من قتل فلان ، أو من شرب الخمر فعليه أن يفي بنذره ، وكل نذر لا مخرج له ، ولا نية لصاحبه فكفارته كفارة يمين ، ثبتت بذلك السنة ، وعلى ذلك جمهور علماء الأمة فأغنى عن الإكثار فيه ، وقد ذكرناه مجودا في باب ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، والحمد لله .

وقد أثنى الله تعالى على قوم كانوا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا .

ومن نذر ما لا معصية فيه ، ولا طاعة فقد اختلف الفقهاء في ذلك ؛ فقال قوم : واجب عليه الإتيان بذلك ، لأنه مباح ، وقال آخرون : لا يجب عليه من النذر إلا ما كان لله فيه طاعة ، وقصة أبي إسرائيل من حديث جابر وابن عباس تدل على صحة هذا القول ، وقد ذكرنا ذلك في باب ثور بن زيد من كتابنا هذا وبالله تعالى التوفيق .

[ ص: 100 ] ( قال أبو عمر ) :

لم يفت يحيى بن يحيى في الموطإ حديث من أحاديث الأحكام مما رواه غيره في الموطإ إلا حديث طلحة بن عبد الملك هذا ، وسائر ما رواه غيره من الأحاديث في الموطإ إنما هي أحاديث من أحاديث الجامع ونحوه ليست في أحكام ، وأكثرها أو كلها معلولة مختلف فيها عن مالك ، وقد توبع يحيى ، تابعه جماعة من رواة الموطإ على سقوط كل ما أسقط من تلك الأحاديث من الموطإ إلا حديث طلحة هذا وحده ، وما عداه فقد تابعه على سقوطه من الموطإ قوم ، وخالفه آخرون ، وقد ذكرنا ذلك في آخر هذا الباب ، ويحيى آخرهم عرضا ، وما سقط من روايته فعن اختيار مالك وتمحيصه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية