التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1319 [ ص: 441 ] حديث حادي عشر لابن شهاب ، عن سعيد مرسل يتصل من وجوه

مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة والمحاقلة .

والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر ، والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة
.


هكذا هذا الحديث مرسل في الموطأ ( عند ) جميع الرواة ، وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب عنه . ورواه أحمد بن أبي طيبة ، عن مالك ( عن الزهري ) عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء فيه من تفسير المزابنة والمحاقلة ما فيه مقنع لمن فهم ، ولا خلاف علمته في هذا التأويل ، وهو أحسن تفسير في المزابنة والمحاقلة وأعمه ، وقد مضى في كتابنا هذا من تفسير المزابنة هاهنا ، وقد تقدم في باب ربيعة منا القول في كراء الأرض مستوعبا ، والحمد لله .

وقد روى النهي عن المزابنة والمحاقلة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من الصحابة منهم جابر ، وابن عمر ، وأبو هريرة ورافع بن خديج ، وكل هؤلاء [ ص: 442 ] سمع منه سعيد بن المسيب ، والله أعلم .

وقد يكون العالم إذا اجتمع له جماعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره في حديث واحد يرسله إلى المعزي إليه الحديث ، ويستثقل أن يسنده أحيانا عن الجماعة الكثيرة ، ألا ترى إلى ما ذكرنا في صدر هذا الديوان ، عن إبراهيم النخعي أنه قيل له مرة تقول : قال عبد الله بن مسعود ومرة تسمي من حدثك عنه ، فقال : إذا أسندت لك الحديث عنه ، فقد حدثني من سميت لك عنه . وإن لم أسم لك أحدا ، فاعلم أنه حدثنيه جماعة ، هذا أو معناه كلام إبراهيم ، حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق ، عن سعيد بن المسيب ، عن رافع بن خديج ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة ، وقال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها ، ورجل منح أرضا فهو يزرع ما منح ، ورجل استكرى أرضا بذهب أو فضة . أخبرنا أحمد بن عبد الله ، قال : أنبأنا الميمون بن حمزة ، حدثنا الطحاوي ، حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي أنبأنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء : ما المحاقلة ؟ قال : المحاقلة في الزرع كهيئة المزابنة في النخل سواء : بيع الزرع بالقمح . قال ابن [ ص: 443 ] جريج : فقلت لعطاء : فسر لكم جابر في المحاقلة كما أخبرتني ؟ قال : نعم . وقد مضى ما للعلماء من المذاهب في المحاقلة والمزابنة في باب داود بن الحصين ، والحمد لله .

والقضاء فيما وقع من المزابنة والمحاقلة أنه إن أدرك ذلك فسخ ، وإن قبض وفات رجع صاحب المكيلة على صاحب النخل والزرع بمثل صفة ما قبض منه في كيله ، ورجع صاحب النخل والزرع بقيمة ثمره ، أو قيمة زرعه على صاحب المكيلة يوم قبضه بالغا ما بلغت .

التالي السابق


الخدمات العلمية